آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

عالم بلا كتب

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

عالم بلا كتب هو عالم بلا ذاكرة، عالم ضيق تقتصر مساحته على ما نراه أمامنا وما نسمع به ممن حولنا. هو عالم محدود بزمان ومكان معينين لا يتجاوزهما، في حين تنطلق بنا الكتب عبر آفاق رحبة في العالم الفسيح طولا وعرضا محلقة بخيالاتنا في كل اتجاه.

فمن دون الرجوع إلى الكتب قد تصيبنا الحيرة في صناعة شيء ما، ولربما احتجنا عقودًا أو قرونًا لاختراع العجلة وما بعد العجلة.

عالم من دون كتب هو عالم به جمال، لكنه جمال ناقص يقتصر على ماديات محدودة بعيدًا عن المعنويات المهمة؛ فمن دون الكتب ماذا كان سيقول أحدنا لو أراد أن يتغزل بحبيبته؟ وكيف له أن يتذكر بيتًا من الشعر قاله الشعراء قبل قرون؟ وماذا سيقول حينما يريد مدح شخص أو شيء ما؟ وماذا سيقول عند هجاء آخر؟ أو حين يريد بيتا من الشعر للتشجيع على أمر جميل؟

كيف سنعرف أخبار الماضين وكيف سنتعظ من قصص من سبقنا من أمم ومجتمعات؟ ليس لنا هنا إلا الاستعانة بذاكرتنا أو بذاكرة كبار السن المعاصرين لنا.

حتى التسامح وقبول الآخر تعلمنا إياه القراءة التي تجعل العالم أكثر اتساعا ورحابة بتعرفنا على ثقافات واتجاهات الآخرين.

بالكتب يمكن أن نفهم أنفسنا أكثر ونكون رؤية خاصة بنا لا أن نصبح تبعا لغيرنا.

ليست مجرد رموز سوداء مصفوفة بجانب بعضها البعض؛ وليست مجرد أوراق يجمعها غراء من نوع قوي يمنع تفرقها؛ وهي أيضا ليست مجرد نتاج أشجار تحولت إلى أوراق ثم إلى كتب بل عصارة أفكار كتاب بذلوا أوقاتهم من أجل أن يخرجوا لنا بها حتى أصبح بعضنا مغرما بها ما حدا بأحدنا أن يقول بأن «هناك من لا يستطيع تخيل العالم بلا طيور، وهناك من لا يتخيل العالم بلا ماء، أما بالنسبة إليّ، فأنا غير قادر على تخيل العالم بلا كتب. «بورخيس». ‬‬

ولا تكتفي هذه الكتب بالتأثير على الناس لوقت معين بل إنها تواصل ذلك حتى حينما يموت كاتبوها وينمو الربيع على قبورهم.

إن شئت أن تعرف عن الماضي فعليك بالكتب، وإن شئت أن تعرف أكثر عن حاضرك فعليك بالكتب، وإن أحببت استشراف المستقبل فليس هناك ما هو أفضل من الكتب.

ربما تقول إنه يكفي أن نقرأ من الأجهزة الذكية وهو صحيح إلى حد ما لكن القراءة من الورق ولمسه يساعد في استيعاب وحفظ المعلومة أكثر من القراءة الإلكترونية كما جاء في نتيجة دراسة حديثة. أعلى النموذج

عالم بلا كتب هو عالم سيء كئيب مظلم وبلا روح. هو عالم جامد بل ويجمد ما حوله لأنه يحول ما حوله إلى «محلك سر» وإن تغير المكان وتبدل الزمان فأنت لا تبارح نفسك ووضعك لأنك تبدأ دائما من الصفر ومن يأتي بعدك يبدأ من الصفر تقريبا لأنه لا يجد ما يبني فوقه. أسفل النموذج

**كتابي فيه بستاني وروحي

وفيه سمير نفسي والنديم

يجالسني وكلّ الناس حرب

ويسليني إذا عرت الهموم