الذكريات تخزن في الدماغ بترتيب زماني ومكاني دون المساس بالذكريات السابقة كما تترتب الكتب في مكتبة محكمة التنظيم
2 أغسطس 2024
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 172 لسنة 2024
تُخزن الذكريات في الدماغ
Storing Memories Without Destroying Previous Ones
August 2,2024
تتذكر اليوم الأول لك في المدرسة الابتدائية حين دخلت الصف الدراسي لأول مرة، وشعرت بشدة التوتر والإثارة، وفرحة الحصول على الكتب المدرسية - كلها أمثلة نموذجية لذكريات من ذاكرتنا العرضية [1] . فالذاكرة العرضية تخزن أحداثًا شخصية فريدة بترتيب زماني ومكاني وتربطها بتجارب شخصية «غير موضوعية» سابقة.
يقوم الدماغ باستمرار بتخزين تجارب جديدة يلزمه دمجها في كشكول من ذكريات موجودة. والمثير للدهشة أنه لا يمس ب «يستبدل» أثار الذاكريات [2] السابقة في هذه العملية. [آثار الذاكرة memory traces والمعروفة أيضًا باسم إنغرام [3] ، هو وسيلة افتراضية يتم من خلالها تخزين الذكريات فعليًا في الدماغ [2] ].
في دراسة أجريت في معهد المعلومات العصبية في كلية علوم الكمبيوتر بجامعة الرور في بوخوم، ألمانيا، قام فريق بحثي بقيادة البروفسور لورينز فيسكوت Laurenz Wiskott بتطوير نموذج حاسوبي جديد للذاكرة العرضية، وبالتالي حققوا تقدمًا ملحوظًا في فهم الحصين - وهي منطقة في الدماغ لها دور بالغ الأهمية في تكوين ذكريات عرضية جديدة. نشرت الدراسة [4] في 20 يونيو 2024 في مجلة PLOS ONE.
تخزين تسلسلات أحداث الذكرة بشكل موثوق دون المساس بالذكريات السابقة
الذاكرة العرضية هي أساس مهم لسردية حياتنا الشخصية. فهي تعيننا على تشكيل هويتنا الشخصية وذلك بتخزين وربط التجارب والأحداث الماضية بالترتيب الصحيح. يوضح لورينز ويسكوت: ”يحدث هذا من خلال التغيرات في الروابط بين الخلايا العصبية في دماغنا [والتي تُعرف بالمشابك العصبية [5] ]“. ”هناك ظاهرة لم تُفسر بعد حتى الآن وهي كيف يستطيع الدماغ البشري إجراء هذه التغييرات [إضافة أحداث جديدة إلى مخرن الذكريات] دون أن يمس ب أو أن ينسى ذكريات أخرى سابقة - على الرغم من أن التجربة «الحدث» وقع مرة واحدة فقط [أي الحدث العرضي] لم يتكرر، وبالتالي لا يمكن دمج ذاكرة هذا الحدث بتؤدة وبعناية في دائرة الخلايا العصبية [المترجم: الدائرة العصبية عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية المرتبطة معًا من خلال المشابك العصبية للقيام بوظيفة محددة عند تنشيطه [6] ]..“ يتيح نموذج الكمبيوتر الذي ابتكره باحثو جامعة الرور في بوخوم إمكانية محاكاة إنشاء هذه القدرة الطبيعية للدماغ البشري بدقة: لتخزين تسلسلات حدث بشكل موثوق دون المساس ب أو استبدال الذكريات السابقة بالجديدة.
دائرة عصبية موضعية [6]
يقول المؤلف الأول الدكتور يان ملكيور Jan Melchior: في السابق، كان من المفترض أن تُخزن الذاكرة العرضية مباشرة في شبكة CA3 [وهي شبكة من شبكات الحصين] ”.“ وعليه، فإننا نستخدم الآن شبكة CA3 فقط كنوع من نقطة ارتكاز للذاكرة. يتم التخزين في المناطق التي تقع قبل وبعد شبكة CA3 هذه.
الشبكة العصبية بمثابة مكتبة محكمة الترتيب والتنظيم
ولتحقيق ذلك، قام فريق البحث بتدريب شبكة CA3 في نموذجهم الحاسوبي باستخدام المعلومات المسبقة، وبالتالي، من الناحية المجازية، أنشأوا مكتبة محكمة التنظيم في شبكة CA3 في هذا النموذج. "وعند إضافة كتب جديدة إلى المكتبة، أي تجارب «أحداث» جديدة، لا يلزم إعادة تنظيم المكتبة بالكامل من الأول. ولكن، تُضاف الكتب الجديدة إلى الهيكلية الحالية للمكتبة وربطها بالأرفف والفئات الموجودة من السابق. وهذا يوفر الوقت ويحافظ على ترتيب ونظام المكتبة بشكل محكم.
تظل شبكة CA3 مستقرة في النموذج ويمكنها العمل بكفاءة دون الحاجة إلى التغيير المستمر لبنيتها الداخلية لاستيعاب ذكريات جديدة تضاف إلى الموجودة. وهذا يجعل معالجة المعلومات وتخزينها أسرع وأكثر موثوقية. هذه التغيرات العصبية تحدث باستمرار أثناء عملية التعلم [7] حصريًا في المناطق المجاورة.