شاعرة بعد موتها!
عجيب أمر شاعرة كتبت أكثر من 1700 قصيدة لم ينشر منها في حياتها سوى 11 وبأسماء مستعارة، ثم ماتت ولم يُعرف عنها شيء إلا بعد سنوات من موتها حيث نشرت الأعمال الكاملة لها بعد نحو 69 سنة من وفاتها. وبالطبع فإنها لم تحظ بتقدير كاف في حياتها، لكنها وبعد وفاتها تحول مكان ولادتها إلى متحف. هي الأمريكية إيميلي إليزابيث ديكنسون التي عاشت ما بين عامي 1830 و1886م.
كتبت مجموعات شعرية، ومئات الرسائل التي اكتشفتها شقيقتها ليفينيا ونشرتها بعد وفاتها، حتى عدت هي ووالت وايتمان أهم شعراء أمريكا في القرن التاسع عشر.
لم تتزوج «لا هي ولا شقيقتها»، وانعزلت عن الناس، وكانت تحدث زوار بيتها من وراء الأبواب، وعملت في زراعة الأعشاب وبيعها مع أختها. فقدت كثيرًا من أصدقائها وهم في ريعان الصبا. وكانت ديكنسون قد طلبت من أختها أن تحرق جميع رسائلها، وقد فعلت ولم تنج منها سوى 40 مجموعة شعرية إضافة لصفحات متفرقة.
بدأت ديكنسون الكتابة في سن مبكرة، وعرفت باستخدامها الإبداعي لشكل الجملة وصياغتها، ولم تتبع قواعد الكتابة ولا علامات الترقيم. قيل إنها اختارت العزلة بسبب اهتمامها بأمها المريضة، وقيل بسبب حالة من الخوف المرضي انتابتها، كما قيل إنه بسبب الطريقة القاسية التي كان أبوها يعاملها بها، أو بسبب وفاة عدد من معارفها المقربين.
تميزت قصائدها بأنها مركَّزة ومثيرة للمشاعر، وأثرت في اتجاه الشعر في القرن العشرين وقد عُدِّلت بعض أشعارها بما يتناسب ووقت نشرها. وتتحدث معظم أعمالها عن حبٍّ لشخصٍ ما لم تذكر اسمه ولا يعرف أهو رجل أم امرأة. ولدومينيك فورتييه رواية تتحدث عن قصتها بعنوان «بيوت من ورق».
وقد صدرت «المجموعة الشعرية الكاملة» لأعمالها بالعربية في دمشق عام 2023م من قبل الشاعر السوري عابد إبراهيم، لم أتمكن للأسف من الاطلاع عليها.
تقول ديكنسون في قصيدة لها عن الكتاب:
ليس ثمة من سفينة مثل الكتاب
تنقلنا بحرية عن الأرض،
ولا هناك عدَّاء أسرع من شعرٍ وثّاب مطلق العنان.
إنها سفرة إلى مدن الوداع دون وسائل سفر،
فما أسهل هذه الرحلة التي تحمل روح الإنسان.
من أقوالها:
* إذا قرأتُ ديواناً وشعرتُ بأن جسدي كله بارد تماماً حتى إنه لا نار يمكنها تدفئته، أدرك أن هذا هو الشعر.
* إذا استطعت أنْ تُحسِّنَ حياة إنسانٍ واحد، أو تخفِّفَ ألماً واحداً، أو تُرشد طائراً إلى عشِّه، ما ذهبَ عمرك هباء.