تعلم كيف تبتسم!
”هذه الحياة لن تقف لتراعي حزنك“. توقف عن الحزن، ليس هناك وقت وامسح دموعك، لن يشفق عليك أحد لمجرد أنك أعمى. يجب عليك أن تتعلم كيف تستخدم ذاكرتك لتذكر الأشياء. افتح ذراعيك واستخدمهما بدلاً من عينيك لتصل إلى الباب. حاول أن تتعلم مهارات تساعدك على استكمال مشوارك.
بهذه الكلمات القاسية وهذا التوبيخ العنيف، رفع رأسه من على ركبتيه ودموعه تنهمر على وجنتيه. نهض من مكانه، وأخذ يتعثر ويسقط ويصطدم بالأشياء. بكى كثيرًا، وانتظر يدًا حنونة تأخذ بيديه لتساعده على الوقوف. تلفت وسط ذلك الظلام الذي عم كل كيانه، باحثًا عن وجه أمه. انتظرها تهرول مسرعة لإنقاذه كما كانت تفعل كل مرة عندما يسقط، تنفض الغبار عن ملابسه وتحتضنه بين ذراعيها، تمسح دموعه وتضمه إلى صدرها. شعر بالوحدة وسط عالم مظلم سيعيشه إلى نهاية حياته.
كانت تراقبه بصمت من بعيد وقلبها يعتصر ألمًا. مع الوقت، أدرك أن عليه أن يعتمد على حواسه؛ استخدم السمع للاستدلال، واللمس لمعرفة الأشياء، ونور البصيرة لمواصلة الطريق بالرغم من الألم. كانت تريده أن يتعود على الوضع الجديد، وأن يكون قويًا ويرضى بقدره. أرادت أن تعيده إلى عالم الأرحام، حيث الظلام هناك مليء بالحياة والنور، هناك الملاذ الآمن الذي يحتضنه بدفء وسكينة. أحاسيسها كانت كالحبل السري تسري فيه نبضات قلبها لتغذيه بالحب والحنان والشعور بالطمأنينة.
مع الوقت، أدرك أنه عليه أن يعتمد على حواسه، جاعلًا من أمه مرآة تنعكس من خلالها كل ملامح الحياة الجديدة. فكل نبضة من قلبها تكون بمثابة رسالة موجهة له من العالم الخارجي تهمس للانطلاق نحو عالم غير مرئي مستخدما بوصلته الحسية في تحديد الاتجاه الذي سوف يسلكه بالرغم من الألم. فالألم جزء من مسيرة الحياة وليس نهايتها.
همست في أُذنه بُني، تعلم أن تبتسم لتعبر عن صمودك بلغة الصمت، وتظهر للآخرين قوتك، وإنك قادرا على تخطي كل الجراحات والانكسارات التي تكون بمثابة حصاة في طريق طويل الأمد. ابتسم لتعيد تشكيل نفسك من بين الركام. فأقدارنا ترسم حياتنا، والابتسامة هي ذلك الإكسير الذي يرمم الجراح ويرتق الفجوات، يلملم الشتات فتُبنى الآمال من جديد.
ابتسم للحياة ولا تعطيها ظهرك. ليس لسهولتها وإنما لتعطيك إشراقة جميلة من السعادة والفرح، فالابتسامة ناتجة من شعور داخلي بالرضا. فمتى ما تم الرضا والتكيف مع تصاريف الحياة، فُرز هرمون السعادة. الحياة ممر مليء بالعقبات، لابد من تخطيها. تقسو علينا لتقوينا. نبتسم فنحيا من جديد. فالابتسامة ليست مجرد تقوس شكلي للشفاه، بل هي تحمل في طياتها صدق المشاعر والأحاسيس، وهي نبض يسكب فينا الطمأنينة، ويعزز الثقة بالنفس، فهي تختزل أثرًا عميقًا في النفس وتعلن بصمتها إن المستقبل سيكون أفضل.