آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الفضول حال انبثاقه في الدماغ

عدنان أحمد الحاجي *

5 يوليو 2024

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 162 لسنة 2024

Brain-Imaging Study Reveals Curiosity as it Emerges

July 5,2024

هب أنك، رفعت رأسك ونظرت إلى السماء الزرقاء الصافية ورأيت شيئًا لم تتمكن من التعرف عليه تمامًا. أهو بالون؟ أم طائرة؟ أم جسم طائر مجهول؟ أصيح لديك فضول لمعرفة ماهية هذا الطائر، أليس كذلك؟

فريق بحثي من معهد زوكرمان في جامعة كولومبيا لأول مرة شهد ما حدث في الدماغ البشري عندما انبثقت مشاعر مثل هذا الفضول [1] . وفي دراسة نشرت في مجلة علم الأعصاب [2] ، كشف الباحثون عن مناطق في الدماغ يبدو أنها كانت تقيِّم درجة عدم اليقين «الريب» في الحالات الغامضة [صورة غامضة «ambiguous image» [وهي عبارة عن خداع بصري يخلق رؤية متأرجحة بين تفسيرين اثنين أو أكثر من التفسيرات المختلفة، بحسب التعريف [3] ]، مما يؤدي إلى ظهور مشاعر فضول شخصية «أي ليست موضوعية».

”للفضول أصول بيولوجية عميقة،“ بحسب ما قالت مؤلف الدراسة جاكلين غوتليب، باحث رئيس في معهد زوكرمان. وأضافت أن الفائدة التطورية الأساس للفضول هي الدفع بالكائنات الحية لاستكشاف عالمها بطرق تساعدها على البقاء.

”ما يميز الفضول البشري هو أنه يدفعنا إلى الاستكشاف على نطاق أوسع بكثير مما تقوم به الحيوانات الأخرى، وفي كثير من الأحيان فقط لأننا نرغب في معرفة الأشياء التي نجهلها، وليس لأننا نسعى للحصول على مكافأة مادية أو استحقاقات مالية“. وقالت الدكتور غوتليب، التي تعمل في مجال البحث العلمي، وهي أيضًا أستاذ علم الأعصاب في كلية فاجيلوس Vagelos للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا. ”والفضول بطبيعته يؤدي إلى الكثير من إبداعاتنا.“

انضم إلى الدكتور جوتليب في البحث مايكل كوهانبور Michael Cohanpour، طالب دراسات عليا سابق في جامعة كولومبيا، ومريم علي الاستاد المشارك في علم النفس في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والتي كانت سابقًا في جامعة كولومبيا.

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنية غير باضعة من الناحية الجراحية ومستخدمة على نطاق واسع لقياس التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم في أدمغة 32 متطوعًا. وقد مكنت هذه التقنية، التي يطلق عليها التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، أو fMRI، الباحثين من تسجيل كمية الأكسجين التي تستهلكها مناطق مختلفة من أدمغة المتطوعين أثناء عرض صور مختلفة عليهم. كلما زادت كمية الأكسجين التي تستهلكها مناطق الدماغ، كلما زاد نشاطها.

وللكشف عن مناطق الدماغ المرتبطة بالفضول، قدم فريق البحث للمشاركين صورًا خاصة تُعرف باسم تيكسفورم [3]  texforms «وهي صور أخفيت - أو شوهت - معالمها». هذه هي صور لأشياء، مثل حيوان الفظ [4]  أو صورة ضفدع أو صورة دبابة أو صورة قبعة، والتي شُوهت بدرجات مختلفة «تيكسفورم» لجعل التعرف عليها أكثر أو أقل صعوبة.

طلب الباحثون من المشاركين تقييم ثقتهم بالتعرف على كل صورة وتقييم فضولهم بالتعرف عليه إن لم تكن واضحة، ووجدوا أن التقييمين للثقة والفضول مرتبطان ارتباطًا عكسيا ببعضهما. إذ كلما كان الأشخاص أكثر ثقة قي معرفة ماهية الصورة المشوهة المعالم «التيكسفورم» كلما كانوا أقل فضولًا حيال التعرف عليها. وعلى العكس من ذلك، كلما كان المتطوعون أقل ثقة في قدرتهم على تخمين ماهية الصورة المشوهة المعالم، كلما زاد فضولهم تجاه التعرف عليها.

باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي، شاهد الباحثون بعد ذلك ما كان يحدث في الدماغ عندما عرضت الصور المشوهة المعالم على الأشخاص. أظهرت بيانات تصوير الدماغ نشاطًا مرتفعًا في القشرة القذالية الصدغية «OTC»، وهي منطقة تقع فوق الأذنين مباشرةً، والتي عُرفت منذ فترة طويلة بأنها معنية بالرؤية وفي التعرف على أصناف الأشياء. وبناءً على دراسات سابقة، توقع الباحثون أنه عندما عرضوا على المشاركين صورًا واضحة المعالم، فإن منطقة الدماغ هذه ستظهر أنماط نشاط مميزة للأشياء المتحركة والأشياء الساكنة. قالت الدكتور غوتليد: «بإمكان المرء اعتبار كل نمط «باركود «شفرة خطوطية [5] » *» يصنف فئة الصورة مشوهة المعالم.»

استخدم الباحثون هذه الأنماط الخطوطية لتطوير مقياس أطلقوا عليه اسم ”ريب ال OTC“ [ريب القشرة القذالية الصدغية]، لمعرفة مدى الريب في هذه المنطقة القشرية في فئة الصور المشوهة المعالم. لقد أثبتوا أنه حين لم يبدر من المتطوعين إلَّا فضول بسيط حيال الصور المشوهة المعالم، كان نشاط القشرة القذالية الصدغية يقابل شفرة خطوطية واحدة فقط، كما لو أنها لم يُتعرف بوضوح إلَّا على ما إذا كانت الصورة تنتمي إلى فئة الرسوم المتحركة أو فئة الرسوم الساكنة. في المقابل، عندما كان المتطوعون أكثر فضولًا، ظهر في قشرتهم القذالية الصدغية خصائص كلا الشفرتين الخطوطيتين، كما لو أنها لم تتمكن من التعرف على فئة الصور بوضوح.

منطقتان في الجانب الأمامي من الدماغ نشطتان أيضًا أثناء عرض الصور المشوهة المعالم. إحداهما هي القشرة الحزامية الأمامية، التي ألمحت دراسات سابقة إلى أنها معنية بجمع المعلومات. والأخرى هي قشرة الفص الجبهي البطناني «vmPFC»، المعنية برصد التصورات الذاتية «غير الموضوعية] للقيمة والثقة للشخص في الحالات المختلفة. في الدراسة الجديدة، كلا المنطقتين الدماغيتين كانتا أكثر نشاطًا عندما أفاد المتطوعون عن أنهم كانوا أكثر ثقة في معرفة هوية الصور المشوهة المعالم «وبالتالي، لم يبدوا فضولًا لرؤية الصور التي أزيل عنها التشوه».

الأهم من ذلك، كما قالت الدكتور جوتليب، هو أن نشاط قشرة الفص الجبهي البطناني يبدو أنه يوفر جسرًا عصبيًا بين الشعور الشخصي بالفضول ومقياس ريب القشرة القذالية الصدغية. يبدو الأمر كما لو أن هذه المنطقة قرأت حالة عدم اليقين المشفرة بواسطة نمط النشاط الموزع في القشرة القذالية الصدغية وساعدت الشخص على تحديد ما إذا كان بحاجة إلى أن يكون فضوليًا لمعرفة الصور المشوهة المعالم.

قالت الدكتور غوتليب: «هذه هي المرة الأولى التي تمكننا فيها من ربط الشعور الشخصي بالفضول لمعرفة المعلومات بالطريقة التي تتمثل تلك المعلومات في الدماغ».

وقالت الدكتور غوتليب إن للدراسة نتيجتين مهمتين. أولاً، على الرغم من أن الدراسة ركزت على الفضول الإدراكي [6]  الذي تستثيره المنبهات «المثيرات» البصرية، فإن الناس يشعرون بأشكال أخرى من الفضول، مثل فضول أسئلة تافهة أو أسئلة تتعلق بحقائق «على سبيل المثال، ما ارتفاع برج إيفل؟» أو الفضول الاجتماعي «إلى أي مطعم ذهب أصدقائي البارحة؟». وأشارت إلى أن أحد الاحتمالات المثيرة للاهتمام للدراسة هو أن الآلية التي كشفت عنها قد يتم تعميمها على أشكال أخرى من الفضول. على سبيل المثال، قد تثبت دراسة الرنين المغناطيسي الوظيفي التي تبحث في الأصوات التي يمكن تمييزها بدرجات متفاوتة تثبت أن المناطق السمعية في الدماغ تضفي عدم اليقين على الصوت وأن قشرة الفص قبل الجبهي البطني الإنسي ventromedial prefrontal cortex لتقييم المكافأة. تقرأ عدم اليقين هذا لتحديد مستوى الفضول المطلوب.

الاحتمال الثاني في ذهن الدكتور غوتليب هو أن النتائج يمكن أن يكون لها آثار تشخيصية وحتى علاجية لأولئك المصابين بالاكتئاب أو اللامبالاة [7]  أو انعدام التلذذ [8]  «عدم القدرة على الشعور بالمتعة»، وهي حالات غالبًا ما تتميز بعدم الفضول.

”الفضول يستلزم نوعًا من الحماس، والاستعداد لبذل الطاقة والجهد واستكشاف ما في المحيط. وهذه دوافع ذاتية «شخصية»، مما يعني أنه لا أحد يدفع للمرء مقابل أن يكون فضوليًا؛ قالت الدكتور جوتليب:“ يكون المرء فضوليًا فقط بناءً على الأمل في أن شيئًا جيدًا سيأتي عندما يتعلم ”.“ هذه مجرد بعض الأشياء المدهشة المتعلقة بالفضول. "

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://ar.wikipedia.org/wiki/الفضول_ «مصطلح»

[2]  https://www.jneurosci.org/content/early/2024/07/04/JNEUROSCI.0974-23,2024

[3]  https://ar.wikipedia.org/wiki/شكل_ملتبس

[4]  https://www.brialong.com/all-about-texforms

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/فظ_ «حيوان»

[6]  https://ar.wikipedia.org/wiki/رماز_قضباني

[7]  ”الفضول الإدراكي هو ادراك الكائن الحي واهتمامه بالمثيرات في البيئة الجديدة وغيرها من الأنشطة الحسية والمعقدة وغير المألوفة والانشغالات بالنشاطات الحسية في المحيط والسعي لاستكشافها والتعرف عليها.“ مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان

/https://www.iasj.net/iasj/download/b1eaf9a886fa869a

[8]  https://ar.m.wikipedia.org/wiki/لا_مبالاة

المصدر الرئيس

https://zuckermaninstitute.columbia.edu/brain-imaging-study-reveals-curiosity-it-emerges