”أبو الشيكات“.. كيف حولت حرائق سنابس ”أبو ياسر“ إلى رئاسة «خيرية تاروت»
- المقدس آل محسن، والصادق والسيّد شخصيات لا تنسى في حياتي
- المشي ليلا من صفوى إلى البحاري ”موّال“ لم يتوقف إلا في رأس تنورة
- لقب ”أبو الشيكات“ عرفت به لحرصي على جمع التبرعات من أهل الخير
أطلقوا عليه في جمعية تاروت الخيرية للخدمات الاجتماعية لقب ”أبو الشيكات“، ذلك لأنه ومنذ أن دخل مضمار العمل الاجتماعي لا يحضر المقر دون أن يكون لديه شيك واحد على الأقل، من التبرعات التي توزع للفقراء والمحتاجين في جزيرة تاروت.
تلك فقرة واحدة من قصة طويلة للأستاذ المربي علي الحسن ”أبو ياسر“، الذي عرف بين أهالي جزيرة تاروت ”وتحديدا بلدة سنابس“ بكونه محبا للفقراء والساعي بكل جد واجتهاد لحل مشكلتهم، والذي تنّقل خلال فترات حياته العامرة بالعمل الاجتماعي والخيري بين العمل الاجتماعي، والعمل الرسمي في مجال التربية والتعليم.
يقول الحسن الذي التقته ”جهات الإخبارية“ بمنزله بحي التركية بجزيرة تاروت بأن بداية علاقته بالنشاط الخيري كانت جمع التبرعات للفقراء والمحتاجين، وكان التبرع لا يزيد عن ريال واحد، لأن الناس في ذلك الوقت فترات الستينيات والسبعينيات ومطلع الثمانينيات في وضع مادي متواضع، وكانت المنازل حسب قول الحسن مؤهلة لأن تطالها الحرائق، لكون أغلب البيوت مبنية من الخشب وسعف النخل، حتى أن بعض تلك الحرائق باتت مضرب المثل، كالذي طال بيت الخيّر ”بتشديد الياء“، إذ أن ألسنة النيران قطعت مسافة طويلة تأكل في البيوت حتى وصلت بيت الخير، وبعدها كلّما اندلع حريق قال أحدهم ”ولا حريقة بيت الخيّر“.
في ذلك الوقت، وحسب الحاج الحسن ”أبو ياسر“ برز دور الشيخ علي بن يحي آل محسن ”توفي عام 1402 ه“، الذي بادر لحل هذه المشكلة، وكانت أداته التنفيذية ابنه الشيخ عبدالهادي آل المحسن ”المعروف بالشيخ هادي“، الذي كان زميل طفولة ومدرسة مع الحاج الحسن، فقاموا بنشاط اجتماعي بارز في تلك الفترة، بإشراف وتوجيهات الشيخ علي بن يحيى.
من هذا النشاط، انتقل الحاج الحسن إلى العمل التطوعي ولكن بصيغة أكثر رسمية وتنظيما وذلك عبر جمعية تاروت الخيرية للخدمات الاجتماعية، ولم يكن غريبا أن يلتحق بهذه المؤسسة الفتية في ذلك الوقت، إذ في الاجتماع المخصص لتشكيل مجلس الإدارة تم اختياره ”بالتزكية“ رئيسا للمجلس.
وعن تلك الفترة يؤكد الحسن بأنه استفاد من معلّمه الثاني في النشاط الاجتماعي بعد الشيخ آل المحسن وهو الحاج عبدالله الصادق ”أبو عبدالسلام“، أحد مؤسسي جمعية تاروت الخيرية للخدمات الاجتماعية، والذي استفاد منه كما يقول استفادة كبيرة، فهو بالنسبة له ”أب روحي“، وفي تلك الفترة يقول الحسن بأنه حظي بلقب ”أبو الشيكات“ لأنه لا يقصد مبنى الجمعية دون أن يكون بحوزته شيك أو أكثر من تبرعات أهل الخير لصالح المحتاجين المسجلين لدى الجمعية، وإذا ما أقبل قال بعضهم ”جاكم أبو الشيكات“.
أما حكايته مع التعليم، فهي قصة تستحق أن تروى، إذ أكد بأنّ تعليمه كان على يد النساء ”معلّمات القرآن الكريم“ في فترات ما قبل المدرسة، وبعد أن أنهى المرحلة الابتدائية تم ترشيحه مع عدد من زملائه للالتحاق بمعهد المعلمين بالدمام، ذلك المعهد الذي تم تأسيسه لتلبية الطلب على المعلمين المحليين، وما أن تخرّج حتى جاءته عقبة القبول في مكان ملائم لظروفه، فكان المشرف على التعيين قد قام بتأخير قبوله، بل جعل مسألة القبول مشروطة بأن يلتحق كلاعب كرة قدم في أحد الأندية التي يشرف عليها ذلك المسؤول ”وهو نادي النهضة في الدمام“، فأبدى الحسن موافقة مبدئية على ذلك فحصل على تعيين في مكان قريب من مدينة القطيف وهي بلدة أم الساهك المعروفة، وذلك بحكم أن الحاج الحسن كان لاعب كرة قدم يمكن أن يعطي كثيرا في هذا الشأن، كما يتصور ذلك المشرف، لكن التعيين حصل عليه، دون أن يلتحق بالنادي.
والعقبة الأخرى الذي صادفته خلال فترة عمله في التدريس بأم الساهك هو انعدام وسائل المواصلات، فرغم القرب الجغرافي الذي نراه اليوم، إذ لا تستغرق الرحلة لهذه البلدة أكثر من ربع ساعة في الوقت الحاضر، كانت تقتضي سابقا أن يسكن هناك، لعدم توفر وسائل المواصلات. إذ يؤكد الحسن بأنّه إذا ما أراد الذهاب إلى القطيف فإن ذلك يقتضي أن يقصد أقرب منطقة من أم الساهك وهي صفوى مشيا على الأقدام، ويقتضي في بعض الأحيان أن ينتقل مشيا من صفوى حتى بلدة البحاري ”مرورا بالعوامية“، وذلك للحصول على سيارة أجرة معينة، أو الوقوف انتظارا للسيارات القادمة من الجبيل التي تحمل الأسماك لنقلها لسوق القطيف.
ومن الطرائف التي ينقلها أبو ياسر أنه خلال فترة بقائه في أم الساهك كان يسكن برفقة صديقه المتزوج حديثا حينها ”المربي الأستاذ علي محمد مكي القروص - أبو فرج -“، الذي اعتاد أن يوقظه من النوم في وقت متأخر من الليل، والهدف الذهاب إلى جزيرة تاروت، ويدخلان في معادلة المشي من أم الساهك إلى صفوى، وأحيانا يصلان إلى البحاري وفي وقت متأخر من الليل، ولم يكن ليحقق لهما هدفهما سوى الحافلات التي تنقل موظفي شركة أرامكو المتجهين من رأس تنورة إلى جزيرة تاروت، وكان بعض السائقين معروفين مثل عبدالله هلال الأحمر ”ابن خالة الأستاذ الحسن“، وعبدالرحيم القطري، وطاهر الحساوي، فهؤلاء يملكون حافلات صغيرة مهمتها نقل الموظفين في الأوقات المتأخرة.
لم ينته هذا المسلسل ”وهذا الموّال الكئيب“ إلّا بعد الانتقال إلى رأس تنورة، إذ تغيّرت الأمور وتبدلّت الأحوال، فكانت تلك الفترة حسب الحسن نفسه من أفضل فترات حياته في مجال التعليم والتربية، والسبب بعد توفيق الله هو وجود مدير مدرسة يتعامل مع الجميع بروح أبوية راقية ويدعى عبدالرحمن السيّد.. وكان هذا الاستقرار سببا رئيسا لتفاعل الحسن مع توجهاته ونشاطاته الاجتماعية الكثيرة، وذلك من خلال مؤسستين رسميتين هما جمعية تاروت الخيرية للخدمات الاجتماعية، ونادي النور بسنابس تلك هي خلاصة تجربة على الحسن ”أبو ياسر“ مع العمل الاجتماعي العام.