آخر تحديث: 16 / 9 / 2024م - 9:33 م

فاطمة.. صارعت الألم بكثير من الأمل ”11 أغسطس ذكرى ميلاد جديد على هذه الحياة“

فاطمة لطفي آل ربح

مهما مرت السنوات والأيام، في كل عام تتجدد هذه الذكرى وكأنني أعيشها للتو. لم يكن الأمر سهلًا. بدأت قصتي عندما كنت طفلة صغيرة ألعب مع الأطفال. حينها لم أكن أدرك ولا أفهم معنى الصداع والتعب الذي كان يصيبني. كنت في كل مرة أستيقظ فيها من النوم أتقيأ بسبب ضغط السوائل على دماغي عند الاستلقاء. أصحو على الصداع والإعياء والغثيان. مع ذلك كنت أنهض من سريري وأذهب للمدرسة وألعب مع زميلاتي بالرغم من التعب الشديد الذي كنت أعاني منه. والدتي عانت كثيرًا معي. لقد ذهبت معي للعديد من الأطباء ولكن دون جدوى. لم يفهم أحد حالتي. حتى جاء ذلك اليوم، اليوم الذي غير حياتي للأبد. ذهبنا إلى المستشفى، أجرى الطبيب أشعة رنين مغناطيسي على رأسي. كانت النتيجة صاعقة: ورم في المخ!

لم أكن أفهم حينها معنى الكلمة، لكن نظرات أمي الحزينة، دموعها التي حاولت جاهدة إخفاءها، كانت كافية لفهم أن الأمر خطير.

رحلة العلاج

انتقلنا إلى مستشفى آخر، بحثًا عن علاج أفضل. هناك قابلت الدكتور عيسى عبدالغني، ذلك الرجل الطيب الذي كان يخبرني دائمًا أنني طفلة صبورة جدًا. لا أعرف إن كانت تحياتي ستصله لو أدليت بها هنا، ربما من المحال أن تصله، لكن لا بأس. فلا ضمانة عندي من تذكره لي من بين كل مرضاه، ففاعل الخير ينساه ولكن معاذ الله أن ينسى المفعول له على الأقل أنا لم أنسى. لن أنسى أبدًا كلماته المشجعة، ابتسامته الطيبة، إصراره على أنني سأكون بخير. لقد كان له الفضل الكبير في تخطي أصعب مراحل العلاج.

كان الورم في منطقة حساسة من المخ، والأطباء أخبروا أمي أن هناك احتمال أن أفقد بصري أو أصاب بإعاقة. خضعت لعدة عمليات، تلوث في المخ، استبدال جزء من عظام جمجمتي بأخرى صناعية، رقعة من فخذي... كانت رحلة علاج شاقة، مؤلمة، لكنها كانت رحلة صبر وقوة.

أتذكر عندما كنت في المدرسة، بعض الفتيات كن يضحكن على ندبة العملية خلف رأسي. كانت الندبة واضحة، بارزة، وحجمها كبير، وكانوا يسخرون منها. لكنني قررت أن أعتبرها منذ ذلك الحين علامة جمال، علامة صبر وقوة. لم أعد أخجل منها، بل أصبحت فخورة بها. وأحبها جدًا.

الآن أنا بخير. حياتي عادت إلى طبيعتها. لكن المرض علمني الكثير. علمني قيمة الصحة، قيمة الحياة، قيمة الصبر والإيمان. هناك جزء صغير من الورم لم يتم إزالته، خوفًا على حياتي. هذا الجزء الصغير يعيش بداخلي، لتذكيري بشكل دائم برحلة العلاج، بتحديات الحياة، بقوة الإرادة.

11 أغسطس، ذكرى الانتصار. ذكرى اليوم الذي تغلبت فيه على الورم، ذكرى اليوم الذي بدأت فيه حياة جديدة.