كوبري جازان من المسؤول
سادت حالة من الاستياء بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر انهيار «كوبري رديس» الذي يربط بين محافظتي أبو عريش وصبيا، نتيجة السيول التي اجتاحت المنطقة قبل أيام.
أظهر الفيديو مركبة عالقة بين أجزاء الكوبري، مع تجمع عشرات من الأهالي حول موقع الحادث. المركز الوطني لسلامة النقل، أصدر بيانًا بشأن الحادثة قال فيه: «المعلومات الأولية أفادت أن تضرر مركبتين جراء الانهيار، نتج عنه وفاة واحدة وعدد من الإصابات تم نقلهم من خلال الفِرَق الإسعافية لتلقي الرعاية اللازمة». مرتادو منصة «إكس» وجهوا سيلا من الانتقادات الحادة، وطالب بعضهم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد «نزاهة»، بفتح ملف للتحقيق في الحادثة. الخبر ذاته يتجدد، فقبل أيام نزلت كمية أمطار مصاحبة لبرد غرقت فيها الشوارع وأغلقت الأنفاق وتعطلت الحركة خاصة طريق الملك فهد.
الأسئلة المطروحة والمشروعة هنا: لماذا تتجدد مشكلة الطرق ما بين فترة وأخرى؟ هل وقفت وزارة النقل والخدمات اللوجستية على الأسباب الحقيقية والحلول البديلة لعلاج المشكلة؟ ما المعايير الدقيقة التي وضعتها في مسألة العقود والمناقصات؟ هل توجد متابعة دقيقة بعد ترسية المشاريع؟ هل هناك إجراءات شديدة وصارمة في التعامل مع المقاولين؟ الحلول موجودة بدليل أن مدن الهيئة الملكية الجبيل وينبع لها من العمر 50 سنة ولم تغرق أبدًا طيلة هذه السنوات. تأتي الأمطار الغزيرة وبعد سويعات من انتهاء الحالة المطرية لن تجد قطرة ماء على الطرق والكباري. وهنا أقولها وبكل صراحة نجحت أرامكو ومدن الهيئة الملكية بكل بساطة لأنها لم تترك في البدايات أي مجال للاجتهادات الفردية غير المدروسة، نجحت لأن الكادر الإداري السعودي حينها مقتنع قناعة تامة أنه لا مجال مطلقا لتكرار التجارب العقيمة، وبحثوا وقتها عن المفاتيح وعثروا عليها عند الخبراء والمختصين في الشركات الغربية، لم يكن لديهم حينذاك عقدة الخواجة، فكل ما يفكرون فيه أن تكون نسبة فشل المشروع صفرا، فذهبوا للشركات الأمريكية المتخصصة مثل شركة «بكتل» التي لديها تجربة ناجحة في المدن الصناعية فهي من وضعت الكتالوج الاستشاري، وعبدت الطريق، ووضعت المعايير الدقيقة. فكان النجاح حليفها وما زلنا إلى اليوم نجني ثمار هذه الصفقات الناجحة، وهذا هو بالتحديد ما جعل أرامكو والمدن الصناعية تنجح في مشاريعها عقب حادث الانهيار، من الضروري أن تُخضع الشركة التي نفذت الجسر للمحاسبة. يتعين على الجهات المسؤولة إجراء تحقيق شامل لتحديد الأسباب الرئيسية لانهيار الجسر، بما في ذلك فحص تصاميمها، المواد المستخدمة، طرق التنفيذ، والامتثال للمعايير. يتطلب ذلك تحليلًا دقيقًا لجميع مراحل العملية، بدءًا من التصميم حتى التسليم.
وهنا أقترح من باب التخصيص في القضايا العدلية إنشاء محاكم خاصة مستقلة باسم «محكمة المقاولات» كما هو موجود في أنحاء متفرقة من العالم، كتطبيق عملي للمحاسبة، مثل نظام محكمة المقاولات في الولايات المتحدة، حيث تُعاقب الشركات المتسببة في هذه الحوادث عند إثبات الإهمال أو الفساد. كما يجب أن تكون هناك سياسات واضحة لتعويض المتضررين من الشركة المنفذة.