آخر تحديث: 27 / 10 / 2024م - 6:16 ص

مكسيم غوركي.. مِن اليتم إلى صداقة الزعماء

يوسف أحمد الحسن * صحيفة القبس الكويتية

لم يكد أليكسي ماكسيموفيتش بيشكوف يصل إلى التاسعة من عمره حتى أصبح يتيم الأب والأم، فاضطر أن يجوب أنحاء بلاده لكي يكسب قوت يومه ويسد رمقه. وفي عام 1887 م، عندما أصبح في التاسعة عشرة من عمره، قرر بعد تجربة حب فاشلة، وبعد وفاة جدته، أن يضع حدًّا لحياته، فاشترى مسدسًا وأطلق على قلبه النار، لكنه أخطأ التصويب إذ أصاب أسفل رئته رغم أنه تعرف بدقة على موقع القلب في جسم الإنسان حيث استعار كتابًا يوضح ذلك! وهكذا نجا من محاولة الانتحار هذه ليواصل مشوار حياته.

لم يكن هذا الفتى البائس سوى الكاتب الروسي الكبير ومؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية مكسيم غوركي، الذي رشح خمس مرات للحصول على جائزة نوبل في الآداب وعاش ما بين 1868 و 1936.

ونتيجة للواقع المر الذي عاشه هو والذي كان يعيشه الشعب الروسي في ظل الحكم القيصري، فقد سمى نفسه «1892 م» غوركي، التي تعني في اللغة الروسية المر، أو المرارة، حيث بدأ الكتابة بهذا الاسم، وهو ما عكسه أيضًا على كتاباته التي ركزت على الجوانب الحزينة والبائسة في الحياة.

تأثر غوركي بجدته التي تولت تربيته بعد وفاة والديه، إذ كان لديها أسلوب قصصي ممتاز، فكانت تروي له الحكايات الشعبية.

كتب رواية «الأم» قبل قيام الثورة البلشفية، حتى قيل إن الرواية مهدت لهذه الثورة. وبعد انتصار الثورة أصبح مقربًا من دوائر صنع القرار في الاتحاد السوفييتي، حيث كان صديقًا للينين، ثم أصبح مقربًا من ستالين الذي جعله رئيسًا لاتحاد الكتاب السوفييت عام 1933 م، ورئيسًا لرابطة الأدباء، وحصل على امتيازات عديدة؛ فقد سميت مدينة نجني نوفجراد، مسقط رأسه، باسمه «غوركي» ما بين 1932 و 1990 م، وسمي شارع في موسكو باسمه، كما أطلق اسمه على أكبر طائرة في العالم في ذلك الوقت، وهي طائرة توبولوف Tupolev ANT-20.

ورغم أنه وقف مع الحكم السوفييتي فقد حاول الاعتراض على بعض سياساتهم القمعية، وهو ما أغضبهم عليه، ففرضوا عليه رقابة مشددة، ومنع من الكتابة حتى مات، وقيل إن الجهات الأمنية في بلاده قتلته بالسم هو وابنه من قبله، رغم أن الرئيس ستالين شارك بنفسه في تشييعه، وكان ممن حملوا جنازته.

ومن مؤلفاته كتاب الساقطون «ثلاث قصص طويلة»، وكتاب طفولتي «سيرة ذاتية»، والحضيض، ورواية الأشرار. وهكذا فقد أصبح غوركي أيقونة أدبية، وغدت صوره تباع في كل مكان، ويُقلَّد مظهره في أنحاء العالم، بعد أن كان يحاول الانتحار في شبابه، حتى أثار غيرة أدباء آخرين ربما فاقوه في الكتابة لكنهم لم يحظوا بما حظي به. وهو بذلك كان أفضل حظًّا من الروائي الأمريكي الكبير إرنست همنغواي «مؤلف كتاب الشيخ والبحر» الذي نجح في الانتحار برصاصة من بندقيته بعدما أصيب بحالة اكتئاب حادة!

من أقواله:

*يجب أن نسلّح الرأس أولًا قبل أن نسلح الأيدي.

* واصل قراءة الكتب ولكن تذكر أن الكتب تبقى كتباً وأن عليك أنت التفكير.

* الثقافة هي ما يبقى فينا بعد أن ننسى ما قرأناه.