الأثر الاقتصادي لتخفيض السعودية انتاجها من النفط؟ «2»
إعادة تمحور الاقتصاد السعودي ليعيد التمحور حول مورد غير النفط مطلب هائل بالفعل لاعتبارات ليس أقلها، هو أن النفط ما برح سلعة لها حضور طاغي في الاقتصاد السعودي من حيث تأثيره المباشر لاشك، ومن خلال تأثيره غير المباشر الذي صبغ عبر عقود أنشطة الاقتصاد السعودي دونما استثناء بلونه، ولعل هذا التأثير غير المباشر هو ما يجعل الارتقاء بمساهمة أنشطة اقتصادية غير نفطية أمر يفتقد إلى الممكنات، فقد تمحورت السياسات التنموية حول النفط كمرتكز رئيس وبقية الأنشطة كأنشطة رديفة؛ إن تحققت فمن باب“زيادة الخير خير”، كما يقال!
وعلى الرغم من أن تأرجحات إيرادات النفط التي لم تتوقف على مدى نصف قرن، وكان لذلك التأرجح تأثيراً مباشراً مُربكاً مزدوجاً: على الانفاق التنموي وعلى برنامج تنويع الاقتصاد المحلي، وليس أدل على ذلك ما تظهره مضاهاة ما كانت ترمي له الخطط الخمسية عند انطلاقها وما يتحقق فعلاً عند انقضاء أجل كل منها.
وما استجد مع انطلاق الرؤية هو أن إعادة هيكلة مصادر تمويل الخزانة العامة لتصبح أقل اعتماداً على النفط، وبذلك تخفف من تأثير تأرجحات إيرادات النفط التي لا يبدو أنها ستنقضي يوماً، والتخفيف انطلق من أهمية تحقيق الاستدامة المالية عبر تنمية الموارد غير النفطية، ووضع مستهدف لها ضمن رؤية المملكة 2030؛ بأن تصل تلك الإيرادات إلى ترليون ريال في العام 2030. في العام الماضي «2023» بلغت الإيرادات غير النفطية 458مليار ريال، مقابل إيرادات نفطية بلغت 755 مليار ريال في العام 2022، أي بزيادة قدرها 11 بالمائة. ما يربو على 50 بالمائة من تلك الإيرادات مصدره الضرائب على السلع والخدمات، بمعنى أن نتائج التنويع الاقتصادي أخذت تنعكس مباشرة على الإيرادات الحكومية، بعد أن كان الانعكاس يعتمد جلّهُ على ما يرد للخزانة من إيرادات نفطية! وهكذا، فإن تنشيط الاستهلاك يعني الكثير للخزانة العامة، فتسعى الجهود الحكومية لتنشيطه لاعتبارات عدة منها زيادة إيرادات الخزانة، وتتجسد في استقطاع ضريبة القيمة المضافة، التي هي ضريبة استهلاكية. وكذلك فإن السعي لإزالة العوائق وتقديم الحوافز للاستثمار الأجنبي هو لاعتبارات عدة منها زيادة حصيلة ضريبة الدخل على الشركات الأجنبية، وتحفيز الاستهلاك مما تستهلكه تلك الشركات من سلع وخدمات تدفع عليها ضرائب وما تولده من وظائف تولد أجور ينفق جزءٌ منها محلياً. «يتبع»