آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 9:38 م

القراءة ومسيرة نقل المعارف

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

بين استخدام الأصوات والعصر الرقمي الذي نعيشه اليوم مرت البشرية بمراحل متعددة تنوعت أشكالها لكنها تلتقي في هدف واحد هو نقل المعارف من شخص أو أمة لأخرى حتى يستمر التطور والتراكم المعرفي ولا ينقطع حبل العلم. ولا يمكن بالطبع القول بأن استخدام الحواسيب والأساليب الرقمية، أو تقنيًّا استخدام الأعداد الثنائية في الحواسيب «Binary numbers»، هو نهاية الطريق وأن لا شيء بعده.

هذه البشرية المرهقة اليوم بأمور أبعدتها عن القراءة بدأت مشوارها بالكتابة على الأحجار وعلى ألواح الطين؛ حين قاموا في العراق، قبل أكثر من أربعة آلاف عام، بنقش ملحمة جلجامش؛ بعدها استخدمت أساليب أخرى ما نعرف منها هو أوراق البَرْدي في بلاد النيل؛ ثم باستخدام المخطوطات الرّقّية «Parchment»، وتعرب البرشمان، وهي نوع من الأوراق المصنوعة من جلود الماعز والخراف غير المدبوغة، وتكون على أنواع ودرجات متعددة؛ حتى وصلنا إلى القرن الخامس عشر عندما اخترع الألماني يوهان غوتنبرغ الطباعة المتحركة، التي أعلنت بزوغ فجر جديد للطباعة الآلية نقلت البشرية إلى عصر جديد مختلف من حيث السرعة في الطباعة.

وبعد قرابة ستة قرون من هذا النوع من الطباعة أطلَّ علينا نوع جديد من الكتب والطباعة، وهو الكتاب الإلكتروني، الذي غيّر مفهوم الكتاب وانتقل به إلى مربع جديد لا يشترط فيه وجود ورق أو حتى قيمة مالية للكتاب لمن يريد، وذلك في النسخ الإلكترونية مثل «PDF» وغيره.

والآن يتوجه العالم نحو شرائح الدماغ التي يمكن أن تشكل طفرة حقيقية إن نجحت الاختبارات عليها. وتجري هذه التجارب شركة «Neuralink» التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك.

ولذلك فإن جيف جارفيس في كتابه «أقواس غوتنبيرغ: عصر الطباعة ودروسها لعصر الإنترنت» يرى أن مرحلة الطباعة الورقية لن تكون في المستقبل إلا استثناءً في عمر البشرية حين جاءت قبل أكثر من خمسة قرون، وستنتهي وستصبح مجرد مرحلة وذكرى للبشر ليس إلا.

وهكذا فإننا عندما نتحدث عن القراءة فإنها يمكن أن تكون بأشكال ووسائط متعددة، لكنها تبقى هي القراءة التي تعد عملية معرفية تُفَكُّ من خلالها رموز «أو حروف» بأي لغة للوصول إلى المعنى المطلوب.