آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

المواطنة والعلاقة بين الفرد والدولة

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

المواطنة تعني العلاقة بين الفرد والدولة، والتي تتضمن حقوق وواجبات متبادلة، والمواطن يتمتع بحقوق مدنية، وفي المقابل عليه الالتزام بالقوانين والأنظمة. أما سيادة القانون فتعني خضوع الجميع للقانون دون استثناء، هذا يعني أن القانون هو المرجع الأعلى وأنه ينطبق بشكل متساو على الجميع.

يتطلب تحقيق المواطنة الفاعلة وسيادة القانون التزام الحكومات بتعزيز وتطوير البنى المؤسسية والقانونية، وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة، ويتطلب ذلك وعي وثقافة مدنية لدى المواطنين أنفسهم حول حقوقهم وواجباتهم.

تُعد المواطنة وسيادة القانون ركائز أساسية لبناء دولة حديثة وقادرة على تحقيق التنمية والاستقرار، وهذا يتطلب جهداً مستمراً من الحكومات والمجتمع المدني على حد سواء. ولعل التطورات التي تم إنجازها في بلادنا من إصلاحات على مختلف الأصعدة وفي مجالات متعددة ساهمت في خلق مجتمع حيوي ذي رؤية واضحة. وذلك من خلال خطوات كان لها الدور الكبير في النهوض بالوطن وتصنيفه عالميا في المراتب الأولى..

المراقبة والمساءلة: المراقبة عبر المواطنين لأداء المؤسسات الحكومية وتحمل المسؤولين للمساءلة عن أي انتهاكات أو فساد.

المشاركة في المجتمع المدني: مشاركة المواطنين في مؤسسات المجتمع المدني عبر تأسيس المؤسسات والجمعيات المدنية الغير ربحية، ودفع المجتمع للعمل الخيري.

المعرفة والوعي القانوني: تثقيف المواطنين بحقوقهم القانونية وتعريفهم بآليات الطعن والمطالبة بحقوقهم يعزز قدرتهم على المطالبة بسيادة القانون.

التبليغ عن الانتهاكات: إبلاغ السلطات المختصة عن أي انتهاكات للقانون أو فساد يساعد في الكشف عنها والتصدي لها.

المشاركة في الإصلاحات القضائية والقانونية: المساهمة في التشريعات والسياسات التي تعزز استقلالية القضاء وشفافية النظام القانوني.

التضامن والتكافل المجتمعي: تعزيز ثقافة المواطنة والالتزام بالقانون على مستوى المجتمع المحلي.

إن قيام المواطنين بدورهم الفاعل في هذه المجالات سيساهم في بناء مجتمع يسوده سيادة القانون والعدالة. والأمثلة على ذلك كثيرة، وهناك أمثلة محلية واقليمية وعالمية ناجحة.

التجربة السعودية:

بدأت في عام 2016 عندما صدرت”رؤية السعودية 2030“، وقامت على ثلاثة محاور رئيسية: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح والحكومة الفاعلة. المجتمع الحيوي يكون فيه استنهاض العوامل الإيجابية في المجتمع السعودي التي تقوم على رسالة سماوية سامية تقوم على الوسطية والاعتدال. ويتم الاستنهاض من خلال التوعية الثقافية والترفيه، والتشجيع على ممارسة الرياضة، وتطوير المدن، والمحافظة على البيئة، ورفع مستويات الصحة العامة، ورأس المال الاجتماعي. والاقتصاد المزدهر يأتي من تحولات جذرية في الاقتصاد السعودي القائم بصفة رئيسية على النفط الذي يشكل 85% من إجمالي الصادرات. وفي الوطن الطموح والحكومة الفاعلة تستهدف الرؤية زيادة كفاءة وفاعلية الأجهزة الحكومية من خلال الشفافية، والتدريب، وكفاءة الإنفاق والتوازن المالي والمرونة في إدارة الشؤون العامة، والحكومة الإليكترونية «من المرتبة ال 90 عام 2004 إلى 36 عام 2014 والهدف الوصول إلى المرتبة الخامسة عام 2030».

التجربة المكسيكية:

في المكسيك، نجحت منظمات المجتمع المدني من أجل تعديل الدستور وإصدار قوانين جديدة لمكافحة الفساد والشفافية الحكومية، وقد شملت هذه الجهود مشاركة واسعة للمواطنين في نقاشات عامة وتقديم مقترحات.

مبادرة إصلاح القضاء في تونس:

في عام 2011، شكلت الحكومة التونسية مجلساً وطنياً للإصلاح القضائي ضم ممثلين عن المجتمع المدني والنقابات والمحامين، وساهمت هذه المشاركة الواسعة في إعداد خارطة طريق لإصلاح النظام القضائي.

برنامج ”المواطن المراقب“ في الفلبين:

أطلقت منظمات المجتمع المدني في الفلبين برنامجاً لتدريب المواطنين على متابعة سير القضايا في المحاكم وتقديم تقارير عن الممارسات غير العادلة. حيث ساعد هذا البرنامج في الكشف عن حالات فساد وتحسين أداء المحاكم.

مبادرة ”موازنة المواطن“ في البرازيل:

نجحت مبادرات شعبية في البرازيل بإشراك المواطنين في وضع الموازنات العامة على المستوى المحلي، أسهم في زيادة الشفافية وتحسين تخصيص الموارد.

هذه بعض الأمثلة الناجحة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي عن الإصلاحات القانونية والقضائية، والتي تبرهن على أن هناك إصلاحات قائمة ومستمرة من أجل تطوير الدولة.