آخر تحديث: 8 / 9 / 2024م - 12:11 ص

أنت ِ جميلة

سوزان آل حمود *

هل تعانين من هوس الجمال؟!

هل لديك اضطراب التشوه الجسدي؟

هوس التجميل والسعي وراء الجمال بمعايير خاطئة فرضتها العولمة الذي كرس صورة نمطية معطوبة للمرأة الجميلة الحديثة بوصفها مستهلكة لمستحضرات التجميل والعمليات ومكرسة للاهتمام بمظهرها الخارجي، ظاهرة متفشية كالوباء في المجتمعات المختلفة، حتى بتنا نلمح أعراض ذلك الوباء في مظاهر حياتنا اليومية المختلفة.

ليس الجمال جمال الوجه والجسد، إنما الجمال جمال الخلق والأدب، فجمال الجسد زائل وجمال الروح يبقى إلى الأبد.

عبارة تنقش بالذهب لمن أرادت الجمال الحقيقي، لكن نحن بين أقوام من بعض النساء هذا الجانب يغفل تماماً.

موضوعي اعلم أنه شائك ومثير للجدل والعديد من النساء لن يعجبهن، ومما استدعاني للتطرق لهذا الموضوع كثرة الرسائل يطالبون خلالها بطرح هذا الموضوع لعل إحداهن تعود لرشدها.

في السنوات العشر الأخيرة نجد الكثير من النساء شغلهن الشاغل النحت والشفط والتكميم والتقشير ونفخ وتغيير مظهر الأنف وشق العين وهذا الاهتمام حق مشروع لها، الله جميل يحب الجمال لكن إن كان كل هذا على حساب بيتها وأبنائها وزوجها إن كانت متزوجة، أما إن كانت عزباء فعلى حساب والدتها ووالدها وإخوتها التي لا تجعل لأحدهم كلمة عليها، وماذا بعد تحسين المظهر؟

طبعاً هذا مرفوض

إذا ما الحل؟

من المهم تحقيق التوازن في هذا الجانب، مع تقدير الدور المحوري للمرأة في إدارة شؤون الأسرة والمنزل. في الوقت ذاته، ينبغي على المرأة أن تمارس حقها في المشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمجتمعية، بما لا يؤثر سلبًا على واجباتها الأسرية. وهذا يتطلب تضافر جهود المجتمع بأكمله لتوفير البيئة الداعمة لذلك، مع تأكيد أن الاهتمام بالمظهر الخارجي ليس أمرًا سلبيًا في حد ذاته، بل يحتاج إلى التوازن والاعتدال.

ما أسباب هوس العناية بالمظهر:

يمكن رصد عدة أسباب وراء هوس العناية بالمظهر، ومنها:

• المحيط الاجتماعي والضغوط التي تؤدي إلى قولبة المظهر اللائق، ووضع معايير شكلية محددة للجمال.

• السينما والميديا والإعلانات، خصوصا إعلانات التجميل، حيث تُصدر فيهم صورة نمطية عن المرأة الجميلة، بمواصفات شكلية محددة، فيُهيأ للمشاهدين أن الجمال ينحصر فقط في هذه الصورة النمطية وحسب.

• الضغوط النفسية الناتجة بشكل غير مباشر عن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، التي ينشر مستخدموها صورًا منمقة للغاية.

• قلة الثقة بالنفس، ومحاولة تعويض ذلك بمظهر لافت للأنظار.

في ضوء القضايا المطروحة، هناك بعض القيم الأخلاقية المهمة التي ينبغي النظر فيها عند إيجاد التوازن بين الاهتمام بالمظهر الخارجي والأخلاق والتزامات الأسرة:

1. على الفرد تحديد أولوياته بحكمة وتحمّل المسؤولية تجاه عائلته وواجباته الأخرى. يجب ألا يُضحّى بهذه الالتزامات من أجل المظهر الخارجي فقط.

2. الاهتمام بالجمال الخارجي هو أمر طبيعي ومشروع، لكن يجب أن يكون ضمن حدود معقولة وبما لا يخل بالواجبات الأخرى.

3. على المرء أن يحترم نفسه وأن يقدر قيمته كإنسان بغض النظر عن المظهر. كما يجب احترام آراء الآخرين واحتياجاتهم.

4. التبرّج أو التركيز المفرط على الجمال الخارجي على حساب الجوانب الأخرى للشخصية قد ينطوي على نوع من عدم الصدق أو الخداع وعصيان الله، قال تعالى ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور: 31]

5. على الفرد أن يحافظ على التزاماته الأسرية وأن يكرّس الوقت والجهد اللازمين لرعاية أفراد عائلته. يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴿الطور: 21

المشاكل القائمة لتشتت الأسرة والطلاق المتزايد لعدم التوازن بين الاهتمام بالجمال والأسرة والحياة المهنية.

نعم، هناك العديد من النساء الملهمات اللاتي نجحن في الحفاظ على التوازن بين مسؤولياتهن الأسرية والمهنية والجمال وفيما يلي بعض الأمثلة:

1. ميشيل أوباما - السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة:

- حافظت على دورها كأم لابنتيها بينما كانت تشغل منصب السيدة الأولى.

- عملت على مواءمة جدول أعمالها لتتمكن من حضور الفعاليات العائلية المهمة.

- شاركت زوجها الرئيس السابق في تربية الأطفال والمسؤوليات المنزلية وهي في منتهى الأناقة والجمال.

2. جاكي جاكسون - رائدة الأعمال والناشطة المجتمعية:

- أسست شركتها الخاصة بالاستشارات الإدارية وتطوير المشاريع.

- نشطت في العديد من المبادرات الخيرية والمجتمعية.

- وفقت بين التزاماتها المهنية والرعاية المنزلية لأسرتها وجمالها الأنيق.

3. فاطمة بنت مبارك - رائدة المجتمع الإماراتي:

- أسست المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في الإمارات.

- دافعت عن حقوق المرأة والطفل على الصعيد المحلي والعالمي.

- أشرفت على رعاية أسرتها وتربية أبنائها بالتوازي مع أعمالها محافظة على أناقتها وأنوثتها.

إن النساء بإرادتهن وتخطيطهن الجيد يمكنهن الجمع بنجاح بين مسؤولياتهن العائلية والمهنية وبين المحافظة وإظهار جمالهن دون أن تهدم بيوتهن وتشتت أبنائهن.

بالتوازن بين هذه القيم الأخلاقية والاحتياجات الشخصية، يمكن للفرد أن يعيش حياة كريمة ومُرضية وستكون في منتهى الجمال الأخلاقي والمظهر الخارجي.

عزيزتي المرأة أنتِ أجمل مما تظنين.

هل تذكرين ذلك الإعلان الشهير لإحدى ماركات صابون البشرة، حينما طُلب من نساء وصف أنفسهن لرسام لا يراهن؟ هل تذكرين كيف وصفن عيوبًا فيهن، ليرسم الفنان ما يسمعه من أوصاف، لنفاجأ برسم قبيح في ضوء الأوصاف المعطاة للرسام، في حين كانت صاحباتها في الحقيقية فتيات جميلات؟

أرجوكِ تذكري هذا في كل مرة تشعرين فيها أنك بحاجة لبذل مجهود مبالغ فيه بشأن مظهرك. فقط تذكري أنكِ أجمل مما تظنين.