آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:09 م

الأيقونات الملهمة

فاضل العماني * صحيفة الرياض

الكتابة عن الأيقونات والرموز الملهمة، كتابة لا تُدانيها متعة أو سمو، وثراء مذهل ومدهش، ولكنها قبل كل ذلك وبعد كل ذلك، تحتاج للكثير من الأدوات والقدرات، لأنها تجربة غوص غائرة في أعماق النفس البشرية، خاصة حينما يُقارب الأمر نوعية خاصة من البشر، والأيقونات الملهمة بمختلف أشكالها ومستوياتها، ليست شخصيات خارقة أو محظوظة، بل هي شخصيات تُشبهنا، وتعرضت لظروف قد تتشابه مع ظروفنا، ولكنها قررت أن تواجه الحياة بكل إرادة وقوة وثبات وصبر، لأنها رفضت أن تكون مجرد رقم في روزنامة البشر، بل على العكس تماماً، فقد آمنت بقدراتها وإمكانياتها، وقررت أن تُثبت أسماءها ناصعة في بوصلة الخلود.

هذه الأيقونات الملهمة التي ولدت من رحم الفقر والألم والبؤس، استطاعت بما تملك من عزيمة وإصرار وأمل، أن تُحقق أحلامها وطموحاتها وتطلعاتها، لذا فهي تستحق المجد والفخر والخلود، لأنها كانت وما زالت، مصدر الدهشة والإنجاز والإبداع. إن قصص الكفاح والنضال التي يغص بها سجل الخالدين على مر العصور، تستحق أن تروى على مسامع الزمن، فهي ليست مجرد حكايات جميلة لمجموعة من المغامرين والمقامرين، ولكنها علامات فارقة في مسيرة الحضارة البشرية، جسّدت المعنى الحقيقي لطموح وتمرد الإنسان.

والبدايات، مهما كانت بسيطة أو خجولة، ومهما تعثرت بدروب الفشل أو اصطدمت بصخرة المستحيل، هي الانطلاقة الحقيقية باتجاه تحقيق الأهداف والطموحات. البدايات، هي من تصنع سيل المعجزات، وهي من ترفع سقف النهايات، خاصة حينما تكون ممزوجة بطعم الإصرار ونكهة التحدي. ولقد واجهت تلك الرموز الملهمة الكثير من الظروف والعراقيل والمعوقات في طريقها، ولكنها قررت أن تتخلص من مفردات اليأس والإحباط والتردد من قائمة خياراتها، وكانت ميّالة على الدوام لشحن ذواتها بمشاعر الثقة والصمود والتفوق. لقد مرت تلك الشخصيات الفريدة بالكثير من تجارب الفشل والهزيمة والسقوط، ولكنها كانت تُراهن دائماً على قدرتها على تخطي وتجاوز كل ذلك، بما تملك من وعي وفكر وإصرار.

منذ مدة طويلة، وأنا منشغل بالكتابة عن رموز وأيقونات وطني السعودية، وقد بدأت بالفعل في إبراز الكثير منها في هذه الصحيفة الغرّاء وكانت بعنوان ”أيقونات سعودية“، وسعدت، بل ذهلت من حجم الاهتمام والدعم من مختلف الصعد والمستويات. أمامي الآن قائمة طويلة جداً من الأسماء والشخصيات الوطنية التي صعدت سلم المجد وسكنت سجل الخلود، منذ البدايات الأولى وحتى وقتنا الراهن، كلها تستحق أن يُكتب عنها، لأنها المنارة التي أضاءت لنا دروب الحياة.

الكتابة عن رموز وأيقونات الوطن، فكرة مثيرة ومتعة أثيرة، تستحق أن تكون أولوية واستراتيجية لكل منصاتنا ومحطاتنا الثقافية والإعلامية بمختلف ألوانها ومستوياتها، لأنها العنوان الأبرز والواجهة الأجمل لهذا الوطن الملهم الذي يستحق المجد والفخر.