آخر تحديث: 6 / 12 / 2024م - 2:22 م

وعند الشيخ كتب من أبيه

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

عندما قال البروفيسور الكندي ويليام أوسلر إن شراء الكتب أسهل من قراءتها، وقراءتها أسهل من فهمها، فإنه كان يعي تمامًا أن القراءة هي فعل مقاومة لجميع حالات السكون والدعة، وأنها تمثل أعلى حالات الانفتاح على العالم وأسماها، وأنها «كنوز يستخدمها الحكماء ويتباهى بامتلاكها البلهاء»، كما قال إبراهيم الكوني.

لا أعلم أين تذهب أطنان الكتب التي تشترى من معارض الكتاب التي تقام في أكثر من منطقة كل عام، أتُقرَأ بالفعل أم أن مصيرها رفوف مكتبات المنازل أو مستودعاته أو حتى الأكياس التي اشتريت فيه؟

راودتني هذه الأفكار وأنا أشق طريقي وسط رواد أحد معارض الكتاب الذين كانوا يتزاحمون من أجل شراء الكتب كما يتزاحم المتسوقون لشراء مستلزماتهم اليومية. وقد حلل هذه الظاهرة كتاب صدر تحت عنوان «نشتري الكتب ولا نقرأ» للكاتب حبيب السماعيل، الذي عرض مجموعة من القصص عن أصدقاء أو معارف كانوا يحبون امتلاك الكتب لكنهم لا يقرؤونها، هدفهم في ذلك التباهي بها أو لإيهام الآخرين بأنهم مثقفون.

وتتراوح هذه الظاهرة بين كونها أمرًا عاديًّا جدًّا وكونها مرضًا أو حالة مستفحلة تتمثل في الوقوف عند شراء الكتب لا أكثر.

يقول السماعيل في أحد فصول كتابه: «الكثير يشترون الكتب بل يدمنون على ذلك، ولكنهم يجمعونها كما يجمعون الطوابع والعملات، فوجودها كعدمها، وهذه ظاهرة خطيرة لدى بعض شبابنا المثقف، لأن الكتاب غير المقروء مثل الطعام اللذيذ الشهي غير المأكول» «ص 78».

ورغم أن من حق أي شخص أن يتباهى بما يملكه من كتب، حتى وإن لم يقرأها، تمامًا كما يتباهى مالكو أي أمر آخر بممتلكاتهم، فإننا نطمع في أن ينتقل هؤلاء إلى المربع التالي؛ وهو البدء بقراءة هذه الكتب واستيعاب ما فيها من معارف؛ «فامتلاك المرء الكتاب لا يعني بالضرورة امتلاكه ما يتضمنه من معارف»، كما قال الفيلسوف الألماني شوبنهور. أو كما قال الشاعر العربي:

وعند الشيخ كتب من أبيه

مسطرة ولكن ما قراها

يعد سطورها سطرًا فسطرًا

ينعنع رأسه ويقول آها