آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 5:53 م

ادعاء أن السكريات تؤدي إلى فرط النشاط عند الأطفال لم يثبت علميًا

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم ايمي رايشيلت. أستاذ مشارك وباحث في العلوم العصبية التغذوية، جامعة أديليد

28 مايو 2024

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 118 لسنة 2024

No، sugar doesn”t make your kids hyperactive

Amy Reichelt. Senior Lecturer «Adjunct»، Nutritional neuroscientist، University of Adelaide

May 28,2024

في حفلات أعياد ميلاد الأطفال التي تعقد بعد الظهر أيام السبت. تحتشد جحافل الأطفال للحصول على هدايا أعياد الميلاد وتلعب ألعابًا ترفيهية التي عادة ما تلعب أثناء هذه الحفلات. في غمرة هذه الاحتفالات لا تجد سوى كعك نصف مأكول وقطع من بسكويت ومصاصات متناثرة في كل مكان على الأرض، ويبدو أن الأطفال قد اكتسبوا سرعة خارقة وأصبحوا مفعمين بالطاقة المفرطة وأكثر حماسة واندفاع. لكن هل السكر هو المسؤول عن حالتهم هذه؟

الاعتقاد بأن تناول الأطعمة والمشروبات السكرية يؤدي إلى فرط النشاط لم يتغير على مدى عقود. ولذا لا زال أولياء الأمور يحرصون على الحد من تناول أطفالهم السكريات [بناءً على هذا الادعاء].

الغذاء المتوازن [1]  أمر بالغ الأهمية خلال مرحلة الطفولة. باعتباري باحثًا في علم الأعصاب قمت بدراسة الآثار السلبية للوجبات السريعة التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات على وظائف الدماغ، أستطيع أن أقول بكل ثقة أن تناول السكريات بشكل مفرط غير مفيد لعقول الأطفال الصغار النامية، في الواقع، تثبت دراسات التصوير العصبي [2]  [التصوير بالرنين المغنطيسي والتصوير المقطعي المحوري المحوسب والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالإصدار البوزيتروني، بحسب التعريف [3] ] أن الأطفال الذين يستهلكون أكثر من الأطعمة الخفيفة المعالجة صناعيًا processed snack تصبح أدمغتهم أصغر حجمًا، خاصة في القشرة الأمامية، مقارنة بالأطفال الذين يتناولون نظامًا غذائيًا صحيًا.

لكن الأدلة العلمية المتوفرة اليوم لا تدعم الادعاء بأن السكريات تجعل الأطفال مفرطي النشاط.

خرافة فرط النشاط

السكريات تعتبر مصدرًا سريعًا لتزويد الجسم بالطاقة. خرافة فرط النشاط الناجم عن تناول السكريات يمكن إرجاعها إلى عدد قليل من الدراسات التي أجريت في السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن العشرين. وقد ركزت هذه الدراسات على نظام فينغولد الغذائي [4]  كعلاج لما نسميه الآن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة «ADHD»، وهو حالة من الاختلاف العصبي عما هو طبيعي neurodivergent حيث يمكن لمشكلات نقص الانتباه و/ أو فرط النشاط والاندفاعية [والتي تتمثل في بقيام الاندفاعي نتيجة نزوة تنتابه بالتصرف بأفعالٍ تلقائيةٍ دون التفكير بالعواقب ودون أي ضبط النفس [5] ] أن تؤثر سلبًا في المدرسة أو العمل أو العلاقات [الاجتماعية والزوجية والأسرية].

النظام الغذائي الذي ابتكره اختصاصي حساسية الأطفال الأمريكي بنجامين فينغولد، مقيدٌ جدًا، حيث تُستبعد منه الألوان الاصطناعية والمحليات «بما في ذلك السكريات» والمنكهات ومركبات الساليسيلات، بما فيها الأسبرين»، وثلاث مواد حافظة «وهي بوتيل هيدروكسيانيسول الأنيسول، بوتيل هيدروكسي تولوين، وثالثي بوتيل هدريكينون».

توجد الساليسيلات [6]  بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة الصحية، بما فيها التفاح والتوت والطماطم والقرنبيط والخيار والفلفل والمكسرات والبذور والتوابل وبعض الحبوب. لذلك، بالإضافة إلى التخلص من الأطعمة المصنعة التي تحتوي على الألوان الاصطناعية والنكهات والمواد الحافظة والمحليات، فإن نظام فينغولد الغذائي يستبعد الكثير من الأطعمة المغذية المفيدة للتنمية الصحية «المذكورة أعلاه».

ولكن فينغولد يعتقد أن تجنب استخدام هذه المكونات يؤدي إلى تحسين التركيز والسلوك [المترجم: تحسين السلوك هو التغيرات الإيجابية في تصرفات الشخص وعاداته وردود أفعاله التي تساهم في نمو شخصيته، بحسب أحد التعاريف]. أجرى فينغولد بعض الدراسات البسيطة [7] ، التي ادعى أنها أثبتت أن نسبة كبيرة من الأطفال المفرطي النشاط استجابوا إيجابيًا لنظامه الغذائي «أي استفادوا منه، بحسب ادعائه».

على الرغم من أن السكريات لا تجعل الأطفال مفرطي النشاط، إلا أنه لا ينبغي تناول الكثير منها.

طريقة فينغولد منطوية على خلل من حيث التصميم

الأساليب المستخدمة في الدراسات انطوت على خلل في التصميم، خاصة فيما يتعلق بمجموعات المراقبة الكافية «الذين لم يلتزموا بوجبة فينغولد الغذائية المقيدة «لم يلتزموا بحمية فينغولد» وأخفقت في ايجاد علاقة سببية بين استهلاك السكريات والسلوك المفرط النشاط.

دراسات لاحقة [8]  أفادت بأن أقل من 2% من مجموعات التحكم التزموا بالحمية وليس 75% كما ادعى فينغولد. لكن هذه الفكرة ما زالت راسخة في وعي الناس والتجارب السردية التي تتناقلها العامة ساهمت في إبقاء هذا الاعتقاد.

وبالانتقال سريعًا إلى الزمن الحاضر. يبدو المشهد العلمي مختلفًا إلى حد كبير. لقد أخفقت الأبحاث الدقيقة التي أجراها الخبراء في إيجاد علاقة سببية بين السكريات وفرط النشاط. أثبتت دراسات [9]  عديدة متحكم فيها بالعلاج الوهمي [10]  أن السكريات لا تؤثر بشكل معتبر إحصائيًا في سلوك الأطفال أو في مدى انتباههم [11] .

إحدى دراسات التحليل التلوي البارزة [12] ، التي نُشرت منذ ما يقرب من 20 عامًا، قارنت تأثيرات السكريات بتأثيرات الدواء الوهمي في سلوك الأطفال عبر دراسات متعددة. وكانت النتائج واضحة لا لبس فيها: في الغالبية العظمى من هذه الدراسات، لم يؤد تناول السكريات إلى زيادة في فرط النشاط «فرط الحركة» أو السلوك التخريبي «والذي يطلق عليه أيضًا السلوك المدمر أو المؤذي [13] ».

وقد عززت الدراسات اللاحقة [14]  هذه النتائج، وقدمت المزيد من الأدلة على أن السكريات لا تسبب فرط النشاط «فرط الحركة» لدى الأطفال، حتى في أولئك الذين شُخصوا باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.

بالرغم من أن ادعاءات فينغولد الأصلية كانت مبالغًا فيها، إلا أن نسبة بسيطة من الأطفال [15]  يعانون من الحساسية من النكهات والصبغات الغذائية الاصطناعية.

قد يكون الأطفال في سن ما قبل المدرسة أكثر حساسية للمضافات الغذائية من الأطفال الأكبر سنًا منهم. فمن المحتمل أن يكون هذا بسبب حجم أجسامهم الصغيرة، أو أن أدمغتهم وأجسامهم ما زالت في طور النمو.

مدمن دوبامين؟

على الرغم من أن العلاقة بين السكريات وفرط النشاط علاقة ضبابية في أحسن الأحوال، إلا أن هناك علاقة مؤكدة بين الناقل العصبي الدوبامين وازذياذ النشاط.

يفرز الدماغ الدوبامين حين يحصل على مكافأة غير متوقعة، مثلًا، حصوله على حلوى غير متوقعة [16] . تعمل زيادة إفراز الدوبامين أيضًا على تنشيط الحركة - ونلاحظ هذا النشاط المتزايد بعد تناول أدوية المنبهات «المنشطات» النفسية مثل الأمفيتامين. يمكن أن يعزى سلوك الأطفال المتحمس تجاه الأطعمة السكرية إلى موجة من الدوبامين المفرز توقعًا للحصول على المكافأة [17] ، بالرغم من أن مستوى الدوبامين أقل بكثير من مستوى دواء المنبهات النفسية من حيث الإثارة.

ترتبط وظيفة الدوبامين أيضًا بشكل حساس باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، والذي يُعتقد أنه يرجع إلى خلل وظيفي في مستقبلات الدوبامين الخمس في الدماغ [18] . بعض أدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، مثل الميثيلفينيديت «المسمى ريتالين أو كونسيرتا» وليسديكسامفيتامين «يباع باسم ڤيڤانس Vyvanse» هي أيضًا منبهات نفسية. لكن في دماغ المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، يؤدي افراز الدوبامين المتزايد الناتج عن هذه الأدوية إلى إعادة حالة الدماغ إلى طبيعته.

ربما تزود السكريات الطفل ب - رعة من الطاقة أقل مما تزوده من جرعة من للدوبامين؟

لماذا بقيت هذه الخرافة؟

وبفي التأثير المتبادل المعقد بين النظام الغذائي والسلوك والمعتقدات المجتمعية. توقعكِ بأن السكريات تغير من سلوك طفلك يمكن أن يؤثر في كيف تفسرين ما تلاحظينه عليه. في دراسة [19]  قيل فيها للأمهات أن أطفالهن إما تناولوا مشروبًا سكريًا، أو مشروبًا وهميًا «مضاف إليه مادة محلية غير سكرية - الأسبارتام»، الأمهات اللاتي توقعن أن يصبح أطفالهن مفرطي نشاط بعد تناولهم المشروب السكري لاحظن هذا التأثير [وقلن أنهن لاحظن فرط نشاط في أطفالهن]، حتى عندما كان ما تناوله أطفالهن لا يعدو عن كونه مشروبًا محلىً بمادة محلية غير سكرية، وهو الأسبارتام.

غذاء صحي يعني دماغ سليم

السكريات في حد ذاتها قد لا تجعل طفلك مفرط النشاط، لكنها يمكن أن تؤثر سلبًا في الصحة العقلية [20]  والبدنية [21]  لطفلك. وبدلاً من شيطنة السكر، ينبغي لنا أن نشجع الاعتدال والغذاء المتوازن، وتعليم الأطفال عادات الأكل الصحية وتعزيز علاقتهم الإيجابية مع الطعام.

توصي منظمة الصحة العالمية «WHO» الأطفال والراشدين بالحد من استهلاك الأطعمة التي تحتوي على سكريات مضافة إلى أقل من 10% من جميع ما يستهلكونه من أطعمة [22] ، كما أوصت بخفضه إلى 5% من جميع ما يستهلكونه من أطعمة للحصول على مزيد من الفوائد الصحية. السكريات المضافة تشمل السكريات التي تضاف إلى الأطعمة أثناء التصنيع «التحضير»، والسكريات الموجودة بشكل طبيعي في العسل والشراب وعصائر الفاكهة ومركزات عصير الفاكهة.

إن التعامل مع الأطعمة السكرية كمكافآت «كمعززات» يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح الأطعمة التي يفضّلها الأطفال. المكافآت غير السكرية لها نفس التأثير أيضًا، لذا من الجيد استخدام الملصقات أو الألعاب أو الأنشطة الترفيهية كحوافز للسلوك الإيجابي بدلاً الأطعمة السكرية.

على الرغم من أن السكربات تعطي دفعة مؤقتة من الطاقة للأطفال، إلا أنها لا تحولهم إلى زوابع مفرطة النشاط.

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  فكرة الغذاء المتوازن balanced nutrition على تناول أنواع محددة من الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن والأجسام المضادة بمعدل السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم. " مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://altibbi.com/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA -

[2]  https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC10232626/

[3]  https://www.youtube.com/watch?v=N2apCx1rlIQ&t=46s

[4]  نظام فنغولد «Feinglod» الغذائي هو عبارة عن حمية استبعاد «وهو إجراء تشخيصي يُستخدم للتعرف على الأغذية التي لا يستطيع الفرد استهلاكها دون آثار سلبية». وُضع المصطلح في البداية على يد الدكتور فنغولد الذي تتبع البحوث المجراة في فترة السبعينيات، وقد تبين منها وجود علاقة بين كلٍ من المضافات الغذائية وبين فرط النشاط. وباستبعاد هذه المضافات والأطعمة المختلفة يُفترض أن يؤدي هذا النظام الغذائي إلى التخفيف من هذه النشاط المفرط. " مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Feingold_diet

[5]  https://en.wikipedia.org/wiki/Impulsivity

[6] https://academic.oup.com/nutritionreviews/advance-article-abstract/doi/10,1093/nutrit/nuad136/7331240

[7]  https://journals.lww.com/ajnonline/abstract/1975/05000/Hyperkinesis_and_Learning_Disabilities_Linked_to.21.aspx

[8]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/6875141/

[9]  https://link.springer.com/article/10,1007/BF00917404

[10]  دراسات العلاج الوهمي هي طريقة لاختبار الدواء الطبي، إذ تتلقى مجموعة مراقبة منفصلة، بالإضافة إلى مجموعة من الذين يتلقون الدواء المطلوب تقييمه، دواءً مزيفًا «وهميًا» صُمم خصيصًا بحيث لا يكون له تأثير حقيقي. تُستخدم الأدوية الوهمية بشكل شائع في التجارب المعماة، فلا يدرك الأشخاص ما إذا كانوا يتلقون دواءً حقيقيًا أو وهميًا. في كثير من الأحيان. " مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Placebo-controlled_study

[11]  https://www.nejm.org/doi/full/10,1056/NEJM199402033300501

[12]  https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/391812

[13]  https://sehatalmaraa.com/%D9%85%D8%A7 -

[14]  https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3133757/

[15]  https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0929693X20301639

[16]  https://journals.physiology.org/doi/full/10,1152/jn.1998,80.1,1

[17]  https://journals.physiology.org/doi/full/10,1152/jn.1998,80.1,1

[18]  https://link.springer.com/article/10,1007/s12035-012-8278-5

[19]  https://link.springer.com/article/10,1007/BF02168088

[20]  https://www.nature.com/articles/s41598-017-05649-7

[21]  https://www.mdpi.com/2227-9067/8/8/676

[22] https://www.who.int/news/item/04-03-2015-who-calls-on-countries-to-reduce-sugars-intake-among-adults-and-children

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/no-sugar-doesnt-make-your-kids-hyperactive-229107