خير أيام السنة
لحظة إدراك عندما تستوعب فيه أن الصلاة كانت خيرًا من النوم وأنت نائم، والقرآن الكريم يطمئنك، ومدخل الأذكار كانت تزيد ليومك البركة، وفي الاستغفار كان يوسّع رزقك، وكان باب التوبة مفتوحاً لك في كل وقت، تقابله صدمة الرد بالهجر والتكاسل والتغافل والتأجيل، فهذه حتمًا هي الخسارة الكبيرة على ما فعلته، وكل باب وإن طالت مغلقة، فكان يوما الصبر مفتاحه، واعلم يقينًا إذا أضعت الفرصة ترى الموت حسرات، قيام الليل باب عظيم، من آثاره السكينة والرضى وحب الطاعات، لا تظن أن فعلها مجرد قربات فحسب، فهي الزاد للروح ويمدك بالقوة والنشاط والبركة في حياتك، ومن أعظم أسباب ضيق الصدر، الإعراض عن الله، وتعلُّق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره، ومحبةُ سواه، فإن من أحبَّ شيئًا غيرَ الله عُذِّب به وسُجِن قلبُه في محبة ذلك الغير، فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسفُ بالاً، ولا أنكدُ عيشًا، ولا أتعبُ قلبًا، وأحذر من الطاعات التي تورث الاستكبار والعُجب والغرور، فما تدري لعل الله فتح لك باب الطاعة ولم يفتح لك باب قبولها!
قال علي رضي الله عنه: ”سيئة تسوءُك خيرٌ عند الله من حسنةٍ تُعجبم“، من لطف الله تعالى بعبده: أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سبباً لرحمته، فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع، والابتهال إلى ربّه وازدراء نفسه واحتقارها، وزوال العجب والكبر من قلبه، ما هو خير له من كثير من الطاعات.
نحن مقبلون على أيام عظيمة والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من جميع أيام السنة، فمن درجة أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها من الأيّام، إن العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد الذي فيه نصرة المسلمين!
إلا إذا خرج المجاهد بنفسه وماله ولم يعد بهما.
لا تكون محروماً تجهز لها بالتوبة وبالأعمال الصالحة، أنت مقبل على خير أيام السنة بأسرها كلها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلّم - عمّم تعميمًا مؤكّدًا بـ ”من“!
”ما من أيام العمل الصالح فيهنّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيّام العشر“، وقال الشيخ ابن عثيمين:
”وأكد أيّامها في الصّيام يوم عرفة!“.
فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلّم - سُئِل عن صوم يوم عرفة فقال:
”أحتسب على الله أن يكفّر السّنة التي قبله والسّنة التي بعده“ كان أكثر دُعاء النبي ﷺ في العشر الأواخر:
”اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العّفْوَ فَاعْفُ عَنِّا“.