آخر تحديث: 6 / 10 / 2024م - 9:39 م

شبابنا بين المدرسة والجامعة

جهاد هاشم الهاشم

تُعد عملية التعليم وخصوصا في المراحل المبكرة بدءًا من تعليم رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الثانوية وسيلة فاعلة لتمكين الطالب على الابتكار والإبداع والتفكير الفعال، كما تُعتبر الطريقة المثلى ليتعرف ذلك الطفل شيئا فشيئا لما يتوجب عليه معرفته من حقوق وواجبات، بالإضافة إلى تنمية مدركات عديدة لديه من مبادئ وأخلاقيات وقيم ينطلق بواسطتها داخل المحيط الذي يعيش فيه، وتكون تلك المكتسبات بمثابة حماية ووقاية من أفكار وسلوكيات غير محببة لا تتفق وطبيعة المنطق في خضم الواقع المعاش قد يتلقاها مستقبلا بطرق مختلفة، وهنا أجزم أن القارئ العزيز يفقهها جيدا.

كما يستفاد من ذلك أيضا في تقييم السلوك العام للفرد والجماعة باعتبار التعليم هو العامل الأساس لبناء النشء ودليل على التقدم الحضاري والتكنولوجي والفكري وغيرها من كافة العلوم المختلفة وذلك للارتقاء بالوطن إلى مراتب العز والرفعة والسمو.

وحين الانتهاء من هذه الحقبة نصل بعدها للخطوة الأكثر أهمية، خطوةٌ تكون بدايةً لتبلور شخصية هؤلاء الشباب اليافع ومما لا شك فيه أن هذه المرحلة مرحلة الدراسة الجامعية ينظر لها على أنها من أفضل مراحل الحياة الدراسية لطلابنا - فتية وفتيات - المقبلين على تلك الفترة من التحصيل الدراسي والمعرفي، بل تعد من أعظم الفترات ومن أجملها تجربة ومعرفة وفيها من المتعة الشيء الكثير، وتعتبر هذه الفترة الوقتية من مسيرة الأبناء هي أفضل الأوقات تجاه بناء الذات وصقل المواهب وتعمير العقول بما يلزم تجاه تعزيز الشخصية وتزويدها بعوامل التفوق واكتمال النضج والرؤية الثاقبة لكل جوانب مسيرتنا وتعاملاتنا سواء بما يتعلق بسلوكنا الشخصي مع خالقنا أو ذواتنا وكذلك مع مجتمعنا بشكل عام.

عزيزي الطالب، في واقع الأمر وقبل أن نبدأ ونحلق برحلتنا الجامعية يجب أن نستعد لهذه الحقبة المقبلة علينا بشكل مدروس وبعيد عن العشوائية والتخمين، كما يجب أن يراعى في ذلك أيضا عامل مهم للغاية وهو اختيار التخصص المطلوب بصورة ملؤها التفكير الهادئ والقناعة الفائقة وبما يتناسب والميول العامة لقدرات ذلك الطالب، وتكمن الأهمية لهذا الأمر باعتباره قرارا يترتب عليه مستقبل ومصير الشخص ذاته، فالأمر هنا لا يقتصر فقط على انتقاء مجال محدد نستكمل من خلاله التعليم وكفى، بل يتعدى هذا الحد بكثير باعتباره قرارا مؤثرا على اتجاهاته الأكاديمية والمهنية؛ لذا يتوجب أن يبدأ الطالب معرفة ميوله وقدراته التي تتوافق مع تطلعاته وما يطمح إليه منذ فترة مبكرة، وهذا لن يتسنى إلا من خلال تقديم المساعدة لأبنائنا الأعزاء والتي تتمثل أولا من داخل المنزل بتوعيتهم وتشجيعهم، والهدف دفعه نحو الأمام من قبل الأبوين بعد اكتشاف رغباته وميوله وإمكانياته وبعدها توجيهه لما يرغب الوصول إليه ما أمكن ويأتي بعد ذلك دور المدرسة إدارةً ومعلمين فالمعلم المتميز بلا أدنى شك قادر على اكتشاف طلابه وما يتمتعون به من قدرات ومواهب في مجالات متعددة منها العلمية والأدبية والفنية والتكنولوجية وما إلى ذلك في شتى أنواع المعارف والعلوم.

لذا نرى شريحة ليست بالقليلة من طلابنا خريجي الثالث الثانوي يقفون في حيرة من أمرهم بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية يتمايلون مع تيارات الغموض وتداخل الآراء التي تذهب بهم بعيدا عن الصواب مخلفة وراءها عبئا ثقيلا على كاهل الأبناء الذين هم بحاجة ملحة إلى من يأخذ بأيديهم إلى منطقة الأمن والأمان بتوعيتهم وتشجيعهم وتنويرهم ووضعهم على الجادة من الطريق ليسلكوا دربا صحيحا ومضيئا ليبقوا بين جنباته يقظين ومدركين لحقيقة الموقف، فنحن أمام مسألة مهمة للغاية يترتب عليها مستقبل جيل بأكمله، فهؤلاء الناشئة هم عماد البلاد وبهم نصل لمستقبل أكثر تميزا وجودة؛ لذا من الأهمية بمكان أن نولي ذلك الحدث رعاية قصوى لنضع تلك الأمانة نصب أعيننا لنضمن إرشادهم وإيصالهم للمنهج القويم والطريق السديد؛ لنتمكن في نهاية المطاف من الحصول على رجالات يتميزون بمخرجات ذات جدوى عالية تنهض بها البلاد ويقوى شأن الوطن عزيزا مقتدرا شامخا بإذن الله.

اللهم ندعوك يا حي يا قيوم بقدرتك التي ليس لها حد محدود أن توفق أبناءنا وأن تنير طريقهم وتسهل عسيرهم وأن تحرسهم بلطفك يا كريم وأن تقر أعيينا بهم كما نسألك يا قدير أن تنفع بهم العباد وأن يكونوا ذخرا للبلاد إنك ولي ذلك والقادر عليه يا رحمن يا رحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.