آخر تحديث: 27 / 7 / 2024م - 2:13 ص

بداية الاتجاه السياحي

رائد بن محمد آل شهاب

عندما نذكر كلمة ”سياحة“ ليس بالضرورة أن تكون سياحة من أجل البهجة والاستمتاع بالطبيعة، قد تكون سياحة علمية، بحثية، دينية، نفسية، علاجية، رياضية، إبداعية... إلخ. وقد تكون السياحة والسفر سبيلاً وجهادًا في رقي العقائد الدينية ولنهضة وتقدم الأمم.

في يوم من الأيام سمعت باحثاً سعودياً يتحدث عن الكنعانيين، الذي يعتقد أن أرض كنعان تضم أجزاء من فلسطين، ولبنان وسوريا والأردن. وكيف أن أحد الأسباب للهجرة كانت قساوة الطبيعية بشبه الجزيرة العربية.

يشير الاعتقاد السائد بأن الكنعانيين تعود أصولهم إلى شبه الجزيرة العربية، حيث هاجروا منها بأعداد كبيرة. ثم هاجروا مرة أخرى في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد إلى البادية السورية، وتوجهوا بعدئذ نحو الساحل السوري غرباً.

أعتقد أن دولة فلسطين جمعت صفات فريدة من إرث ديني شامل لعدة عقائد سماوية مختلفة، وحضاري، وفكري، وجمال الطبيعة والمناخ. فهي محط أنظار العالم بلا منازع.

أرض الأنبياء، فمعظمهم عاشوا وماتوا عليها، واستُشهدوا فيها، فقد هاجر إليها إبراهيم الخليل من“أور”العراق إلى فلسطين، ويُسمّى مع قومه بالعبرانيين، أي الذين عبروا من العراق إلى فلسطين.

تُعتبر أرض فلسطين أرض المعجزات، ففيها وُلد سيدنا عيسى على ثرى هذه الأرض المباركة من أمه دون زوج، وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين.

هذه القطعة من الأرض الأكثر تعرّضا للغزوات في تاريخ البشرية كلها، وقد وُلدت دولة فلسطين قبل أن يوجد بها الإسرائيليون، والفلسطينيون أول من اكتشف التمر والبرتقال والليمون والشمام، وأول سور وُجد في العالم هو سور أريحا، التي هي أول مدينة في العالم. ويُشار إلى أنَّها بنيت منذ 10,000 عام، وتحتوي على عدد كبير من المواقع الأثرية، والقصور، والمقابر، والمعابد اليهودية.

لقد عاش أنبياء الله على أرض فلسطين، داست أقدامهم رمالها، شربوا من مياه آبارها، ومروا على سيناء رمالا وجبالا، لقد تشرفت هذه الأرض منذ القدم بأنبياء الله عز وجل ورسله ، فعلى أرض فلسطين عاش إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط ولوط وداوود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى جميعا.

عاش خليل الله إبراهيم مع زوجته سارة في هذه القطعة من الأرض، ثم هاجرا معا إلى مصر ثم عادا مرة أخرى إلى فلسطين، ثم أنجب يعقوب الذي استوطن مع أسرته فلسطين، ثم جاءوا إلى مصر بعد أن سبقهم إليها يوسف بن يعقوب الكريم ابن الكريم.

عاش كليم الله موسى في هذه القطعة من الأرض كما عاش سليمان وابنه نبي الله داوود .

وبعد حقبة الأنبياء المرسلين ، ومرور الألف من السنوات: برزت أهم فنادق العالم بالقدس فئة الخمسة نجوم، وهو فندق الملك داود، بني الفندق من الحجر الجيري الوردي وتم افتتاحه في عام 1931، وهو يضم حاليا 237 غرفة وأربعة مطاعم. بناه المهندس البريطاني فرانك غولد - سميث لصالح مجموعة من المستثمرين والمصرفيين المصريين. وهو يعد الآن من معالم مدينة القدس.

بعد افتتاح الفندق كان يتم إحضار الطعام يوميا بالقطار من القاهرة. ونزل في الفندق عدد من الشخصيات العربية المرموقة مثل الملك عبد الله الأول ملك الأردن والملكة نازلي ملكة مصر. كما نزل فيه ثلاثة من الزعماء الذين اضطروا لمغادرة بلدانهم الأصلية وهم الملك فرنسوا الأول ملك إسبانيا في عام 1931 والإمبراطور هيلا سيلاسي في عام 1936 بعد احتلال إيطاليا لبلاده والملك جورج الثاني بعد الاحتلال النازي لليونان، حيث أعلن من الفندق حكومته في المنفى.

تحول الجناح الجنوبي في الفندق إلى مقر القيادة البريطانية أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتعرض الفندق لعملية تفجير إرهابية نفذتها مجموعة من اليهود. مما أسفر عن عدد من القتلى والجرحى.

وبعد طرح نبذة قصيرة عن مفهوم وبداية الهجرة والسياحة، سعيد جداً لإهداء النسخة الورقية من كتاب ”الاتجاه السياحي“ إلى الأستاذ. أشرف بن حسن أبو السعود مربي الأجيال الذي بدأ شغفه ببرامج سياحية تعليمية وترفيهية عام 2012.

يقيم برامج بمعدل ثلاث إلى أربع رحلات سنوية إلى المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة سواء للذكور أو الإناث. وله خدمات أيضاً بعمليات القبول الجامعي.

خضنا تجربة رائعة معهم، واكتشفنا روح المعلم الفاضل، الذي يمتلك خصال الصبر والفكاهة والدقة بالمواعيد. الصدق بالحديث والعهد بالوفاء، إحدى أهم خصاله الجميلة. أدوات تنقل جيل الشباب والشابات نحو حب العلم والتدرج إلى الإبداع الفكري.

ومن حسن الصدف، قرينته ”أم آدم“ تربطنا علاقة طفولة تعود تقريباً إلى 40 عاما مضت بمدينة الخفجي المقاربة لحدود دولة الكويت.

نتمنى لهم التوفيق، واشكرهم على هذا المجهود الكبير نحو مسار صقل أجيال قادمة تلامس مفهوم التعلم والإبداع.