آخر تحديث: 25 / 10 / 2024م - 1:07 ص

كلمة في حفل تخرج

سلمان العنكي

كلمة بمناسبة حفل تخرج طلاب الصف الثالث ثانوي بمدرسة القديح الثانوية بمحافظة القطيف لعام 1445 هجرية.

بسم الله الرحمن الرحيم:

والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

السلام عليكم أيها الإخوة الأعزاء والأبناء الأحبة الحضور ورحمة الله وبركاته:

وبعد:

أولاً: نتقدم بجزيل الشكر والامتنان لمدير مدرسة القديح الثانوية الأستاذ عرفات علوي الجراش وزملائه الكرام المعلمين والإداريين على ما بذلوه من جهود شاقة مضنية أثناء تدريس هذه الثلة من الطلبة، حيث زرعوا فيهم العلم حتى أينعت ثماره وحان قطافها. فجزاهم الله خيراً لإخلاصهم العمل وإكماله. والشكر للأديب الأستاذ محمد عبد الكريم الحميدي الذي ساعد في إتاحة فرصة تشرف أفراد من المجتمع بالحضور والمشاركة في هذه المناسبة البهيجة. مبادرة إيجابية تصب في مصلحة الجميع حيث يضع المجتمع يده بيد المدرسة فيشعر بألفة عنوانها فرحة تدخل كل بيت. التهنئة الصادقة للخريجين، سائلين المولى تعالى لهم مستقبلاً زاهراً، والحظ حليفهم والتوفيق لهم رفيق بإنجازات متتالية. والتبريك لولاة أمورهم ومحبيهم، وأن يروا فيهم ما يسر فيما هو آت.

ثانياً: المعلم، ذاك الذي يحمل رسالة متكاملة للأجيال يؤدي من خلالها واجبه على أكمل وجه، وبالتعاون مع المدرسة يتحقق المطلوب، له التقدير والاحترام. قد يتخطى البعض درجات عن سابقه ليكون المربي والمثل الأعلى. الطلاب أبناؤه يعاملهم بحنان وعطف الأبوة، يساعدهم في حل مشاكلهم، ويهيئهم لمستقبلهم. يُنقل أن أحد الخلفاء ألحق ابنه بمؤدب أي ”معلم“، فلما حضر قال: ”أوقفوه عند الباب تحت أشعة الشمس ساعات.“ نفذوا ما أمرهم به، وبعدها أُدخل عليه. عندما عاد الابن أخبر والده بالمعاملة القاسية التي تعرض لها. غضب الخليفة وأرسل وراء المعلم وسأله لماذا فعلت هذا بابني؟ قال: ”غداً سيصبح خليفة، فأردت أن أعطيه درساً كيف يتعامل مع الضعفاء ويحس بمعاناتهم.“ تربية متقدمة. يستحق هذا المعلم أن يُملأ فوه ذهباً وتُقبل أنامله ويحترم تصرفه. وقد نعت محافظة القطيف في السنتين الماضيتين مجموعة معلمين بعبارات تحمل الحزن والأسى لفراقهم واعتبرت فقدهم خسارة لتميزهم. رموز أثروا في طلابهم وتفاعلوا مع مجتمعهم. أكثر من يتواصل مع طلابه بعد التخرج يتعقب أخبارهم ليطمئن على مسيرتهم، يتمنى بينهم الطبيب والدكتور الأكاديمي والمهندس والمحامي وفي وظائف قيادية. يدخل يوماً إحدى الدوائر يرى بوجهه ”مكتب المدير“ يطرق الباب، وإذا بشاب غيّرته السنون يعانقه بحرارة ويقبّل حاجبيه. يسأل: ”من أنت؟ أراك مهتماً برؤيتي.“ فيجيبه: ”أنا صغيرك الذي علمت وربيت.“ يا له من موقف لا يوصف بين الاثنين بعد طول غياب.

ثالثاً: يا طلاب، يا أحباب، بالأمس على مقاعد الدراسة كنتم أصدقاء، واليوم على منصة التخرج زملاء، وغداً تتفرق بكم السبل. أبعدتكم المسافات وطاف بكم الزمن، فلا تنسوا بعضكم. اكتبوا صداقاتكم في قلوبكم، إنها الجزء الأهم من حياتكم، إن ضاعت لن تعود. أضيفوا لها صداقة معلميكم، وقدّروا ما قدموا، واذكروا أفضالهم. لو سُئلت عن أجمل كلمة في هذا الحدث ما عدوت عن قول: ”كلكم أولادنا وأحفادنا، نتطلع لأيام في انتظاركم، نتمنى أن تكون الأجمل. أنتم الأمل الواعد، ترفعون اسم الوطن عالياً بين الأمم، والكل بكم يفخر. سهامكم مصوبة نحو أهداف رسمت، فحداري أن تخطئوا. كونوا صقوراً، فمن عادتها لا تطير إلا بعد أن تحدد وجهتها.“

لا تلتحقوا بتخصص إلا بعد دراسة معمقة واستشارة من سبقكم حتى لا تتعرضوا لا سمح الله لإخفاقات فتندموا، فالوقت لا يعود إلى الوراء. اختاروا ما يناسبكم من علوم قائمة ومستجدة، في مقدمتها الذكاء الاصطناعي. فإذا استقر العزم وحسم الأمر، توكلوا على الرحمن الرحيم، واحزموا أمتعتكم وشدوا الرحال. ما نراه من تجمع أمامنا لا يُنسى ولا يُمحى من الذاكرة. عُقد لأجلكم، عندما يتصفح أحدكم ماضيه يرى هذه المناسبة نُقشت بمداد الذهب لها العنوان الأبرز بين أحلى ذكرياته.

التحية لمن يحمل الراية خفاقة، عليها عنوان شهادة بأرقى المسميات، يرفعها في سماء المجد حيث كان وأينما كان. تذكروا دوماً عند لقاء معلميكم قول أمير الشعراء أحمد شوقي:

قم للمعلّم وفّه التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا

أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي
يبني ويُنشئ أنفساً وعقولا

أسسوا قواعد البناء الذي يحميكم، ولا يُستبعد من بعدكم يعلمون أولادكم فيقتدون بكم. وعَوداً على الشكر للقائمين على هذه المدرسة، لهم كل احترام، وأخيراً باقات من الورود الملونة على رؤوس منظمي هذا الحفل، لقد أبدعوا أيما إبداع في ترتيبه وأخرجوه بحلة براقة.

لهم ألف تحية وسلام.