آخر تحديث: 16 / 6 / 2024م - 3:06 م

الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

تتنوع الكتب من حيث جذبها للقارئ؛ فبينما تقرأ كتابًا تتثاءب وأنت تقلب صفحاته، وقد تتركه بعد أول صفحة ولا تعود إليه، بل قد لا تعود إلى القراءة بعد ذلك حتى لكتب أخرى، قد تقرأ كتابًا تأسرك صفحاته حتى تستغرق فيها وتذوب في كلماتها. فعلامَ تعتمد عوامل الجذب في الكتب؟

الحقيقة أنه توجد بعض المعايير العامة التي تنطبق على الجميع، لكن أغلب المعايير ليس عليها اتفاق عمومًا حتى بين قراء اللغة الواحدة. ذلك أن لكل قارئ ذائقة تختلف عن الآخر اعتمادًا على عدة أمور؛ منها خلفيته الثقافية والقرائية، وما يعرفه وما لا يعرفه عن موضوع الكتاب. وتعد اللغة المستخدمة معيارًا آخر؛ فقد يحب البعض اللغة السهلة المنسابة، في حين يفضل آخرون التنميق والكلمات الفخمة، ويفضل قسم ثالث الأفكار المجردة، ورابع يفضل عليها الأفكار العملية والقصص بعيدًا عن التنظير. وهناك من يفضل الكتب والنصوص الطويلة في مقابل من يفضل القصير والمختصر منها.

يشعر القارئ مع بعض الكتب أن هناك أثقالًا يجرها خلفه أو يدفعها للأمام، وفي أخرى يشعر بأنه يطير في الهواء محلقًا دون قيود. كما تأسر بعض الكتب القارئ حتى لا يكاد يشعر بالوقت ولا بالجوع والعطش وربما لا يستطيع تركها قبل أن ينهي آخر صفحة منها.

ويبلغ من جمال بعض النصوص أنك تشعر معها كأنك تشاهد فيلمًا يُعرض أمامك بكل تفاصيله، وثمة نصوص تجعلك تعيش معها وكأنها طبيعة ساحرة أخّاذة، تصف لك المشاهد وكأنك تراها، بل وحتى كأنك تشعر بها، وهو ما عناه الكاتب إدواردو غاليانو حين قال: أنا لا أطلب منك أن تصف سقوط المطر، أنا أطلب أن تَجعلني أتَبلل!

تلك هي الكتابة التي تأسرك وتأخذك بعيدًا عما يحيط بك حتى يمكن أن يقال إن أجمل الكتب هي التي حين تقرؤها تنسى أنك تقرؤها.

*القراءة تشبه الشهيق، بينما تشبه الكتابة الزفير. بام ألين