آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:52 ص

وقائع الهجرة للسيدة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم «عليهما السلام»

عبد الله حسين اليوسف

مع كتاب كريمة أهل البيت «عليهما السلام»
السيد فاطمة بنت الإمام الكاظم «عليهما السلام».
استعرض لترجمة حياتها وفضائلها وأسباب هجرتها إلى إيران.
تأليف/ رضا وطن دوست
تعريب: عبد الكريم الكرماني
الطبعة الأولى 2012/1433

وقائع الهجرة

أيدت الآيات القرآنية والتعاليم الإسلامية الأخرى هجرة النساء، ومنحتهن حق الهجرة من بلد إلى بلد آخر، من أجل حفظ إيمانهن والدفاع عن معتقداتهن إذا لزم ذلك. وصحبة النساء للرجال عندما هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة والمدينة، ومرافقتهن للإمام الحسين في مسيرته إلى كربلاء شاهد بارز على هذه الحقيقة، وهجرة السيدة فاطمة المعصومة إلى إيران هي إحدى هذه الهجرات المباركة.

لقد ابتليت السيدة فاطمة المعصومة بهجران أبدي لأحد أعزّتها، ولم يكن عمرها قد تجاوز العشر سنين، بعد أن رحل عنها أبوها الإمام موسى بن جعفر مهاجراً إلى ربه الرفيق الأعلى. بعد هذه الحادثة الأليمة، كان أخوها الإمام الرضا سلوتها الوحيدة والمسند الذي تتكئ عليه. لكن المأمون الخليفة العباسي آنذاك دعا الإمام الرضا فجأة في عام 200 هجري قمري، للتوجه إلى إيران ضمن خطة مبيتة. وفرق بينه وبين أسرته الكريمة، وابتلي الناس بذلك الفراق بالأخص أخته السيدة المعصومة .

مع أنّ تلك السيدة الكريمة، كانت تحمل على عاتقها مسؤولية جسيمة ورسالة عظيمة في المدينة المنورة، بعد غياب أخيها الإمام الرضا ؛ لكن صبرها نفذ بفراقه الذي لم يمض عليه سنة واحدة، بعد أن أجهدتها شدته. من هنا، قررت الهجرة إلى إيران في ظروف خاصة بقصد لقاء أخيها.

مع أن عناء السفر، وبعد المسافة، ومشقة الطريق وانعدام الأمن، والمخاطر التي واجهتها كريمة أهل البيت في مسيرها إلى إيران قد آذاها كثيراً، وأن تحمّل هكذا رحلة لسيدة شابة مثلها صعب جداً ولا يطاق؛ لكنها كانت مستعدة لتحمل أضعاف ما عانته في هذه المسيرة الشاقة من أجل لقاء أخيها؛ لأنّ لقاء الإمام الرضا كان له من القيمة عندها يفوق كل ذلك.

تجاوزت قافلة السيّدة فاطمة المعصومة مراحل صعبة وكثيرة من رحلتها الطويلة، ووصلت الأراضي الإيرانية، وواصلت طريقها فيها عدة أيام، وعبرت العديد من المدن والقرى إلى أن وصلت مدينة ساوة. هناك مرضت السيدة فاطمة، ولم تتمكن من مواصلة الطريق؛ وذلك بسبب عناء السفر، وشدة التعب، والصدمات الروحية التي أصابتها جراء المواجهة التي حصلت بين السراق والقافلة. أهالي قم الذين تمسكوا منذ البداية بأهل بيت النبوة المطهرين وبولايتهم، بمجرد إطلاعهم بنبأ مرض السيّدة المعصومة والفاجعة التي حدثت في ساوة هرعوا مسرعين إلى ساوة لنجدتها ومساعدة الآخرين ممن رافقها وأتوا بهم ببالغ الاحترام والحفاوة إلى بلدتهم قم.

وأخيراً، دخلت قافلة بنت الإمام موسى بن جعفر مدينة قم في 23 ربيع الأول سنة 201 هجري قمري وسط استقبال حار من قبل أهالي قم. وحلت السيدة المعصومة ضيفة في دار موسى بن خزرج عميد الأسرة الأشعرية في قم بصورة مؤقتة، حالما يستقر وضعها الصحي والروحي. وكانت أفواج النساء الفاضلات تأتي لزيارة وعيادة السيدة المعصومة لتسليتها، وتخفيف ما جرى عليها من متاعب ومصاعب في مدينة ساوة على طول فترة إقامتها في مدينة قم.

مع أن السيدة فاطمة المعصومة كانت على أمل مغادرة قم، بعد أن تقضي فترة نقاهة واستراحة قصيرة فيها، والتوجه بعد ذلك إلى خراسان لترفع عذاب هجرانها القاسي، وتنسى ذكريات سفرها المر، بلقاء أخيها الإمام الرضا ، لكن واحزناه حالت يد التقدير دون ذلك، وانتهت هجرتها في مدينة قم، وأجلت أمنيتها بلقاء أخيها إلى القيامة؛ لأن مرضها اشتد تدريجياً، وبالتالي أودى بحياتها بعد مضي 17 يوماً منذ إقامتها في قم؛ وذلك في يوم 10 ربيع الثاني من عام 201 هجري قمري، ودفنت في قم. واليوم مزارها الشريف يقصده محبو آل بيت النبي من أنحاء العالم المختلفة.

نختم بقصيدة من ديوان انتماء لشاعر سعيد معتوق الشبيب. الطبعة الأولى 2022 م/ 1443 هجري

لآل البيت قدر لا يضاهى
فهم يا سائلي أحباب طه

وهم عدل الكتاب فمن يوالي
هم ينجو ويصبح في علاها

هم حبل النجاة لمن أتاهم
ومن عاداهم عادي الإله