آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

الأسمدة والمبيدات العضوية، فوائد صحية وبيئية

حسين الشيخ علي *

ما هي أضرار الأسمدة الكيميائية؟.

منذ آلاف السِّنين، استخدم الإنسان الأسمدة لتخصيب التربة الزراعية حتى قبل أن يعلم فائدتها للنبات.

فقد لاحظ أن روث الحيوانات وبقايا النباتات المتحللة ورماد البراكين تساعد النبات على أن ينمو بسرعة، وينتج محاصيل أكثر وأكبر وألذ، وأن الغابات المحترقة بفعل صهارة البراكين سرعان ما تتجدد بأفضل مما كانت.

ومع تطور العلوم وتوسع المنهج التجريبي واكتشاف العناصر الكيميائية في التربة خلال القرن التاسع عشر اكتشف الباحثون المتخصصون في علم التربة الزراعية أن بعض العناصر الكيميائية ضرورية لتغذية النباتات.

وبذلك اهتم بدراسة العناصر الضرورية لزيادة الإنتاج الزراعي لتلبية حاجات السوق ورغبات المستهلكين في محاصيل نظيفة وكبيرة الحجم تتميز بالقابلية للتسويق التجاري.

فالنبات يمتص من التربة العشرات من العناصر قد تصل إلى 90 عنصرا، والقليل منها ضروري للنمو والبعض منها لا يحتاجها، ولكن يحتاجها الإنسان والحيوان الذي يتغذى على النباتات، وأغلب العناصر لا يحتاجها النبات أو الحيوان ووجودها جماليا أو عطرياً أو وقائيا بعد دخولها وتفاعلها على شكل مركبات عطرية وعضوية وكيميائية، والبعض الآخر من تلك العناصر سام مثل الرصاص وغيره من العناصر الثقيلة. [1] 

خصوصا تلك النباتات المروية بمياه الصرف الصحي أو الأنهار والبحيرات والسدود الملوثة بمخلفات المصانع ومحطات توليد الكهرباء.

ما المقصود بالأسمدة الكيميائية المصنعة التي تضاف للتربة؟

يتم إنتاج الأسمدة المصنعة من بأربعة أشكال وهي:

1- أسمدة نقية:

وهي مركبات كيميائية تحتوي على واحد أو اثنين من العناصر السمادية مثل حبيبات اليوريا التي تمد النباتات بالنيتروجين «N»

2- أسمدة أساسية مصنعة مخلوطة:

وهي خليط من الأسمدة النقية بنسبة معينة، مثل خليط النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم «Npk»

3- أسمدة مصنعة مخلوطة بعناصر صغرى أو نادرة، وتحتوي على مركَّبين أو أكثر، وتحتوي كل حبة على نيتروجين وفوسفور وبوتاسيوم، إضافة إلى عناصر أخرى.

4- أسمدة سائلة، وتحتوي على واحد أو أكثر من العناصر السمادية الذائبة في الماء. وقد تُرش على النبات أو تُحقن في التربة أو تضاف مع مياه الري.

ما هي أضرار الأسمدة المصنعة؟

وهي حبيبات «Npk» واليوريا «N».

يوجد النيتروجين بشكل طبيعي في التربة، ولكن إذا زادت نسبته في السماد، فإنه يترك آثارا سيئة، ويتسبب في أضرار صحية ويلوث المياه، وقد يصل الأمر إلى اختفاء أنواع معينة من الكائنات الحية.

وعندما تتسرب النترات إلى مياه الشرب تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان، كما أن الخضروات التي تحتوي على النترات - مثل السبانخ والخس - تمثل خطرا صحيا على الأطفال الرضع بالتحديد، حيث يصعب عليهم إفراز أحماض معوية كافية للحيلولة دون تحول النترات إلى مادة النتريت السامة. [2] 

ما هي فوائد الأسمدة العضوية؟

ولعلاج هذه المشكلة، يقول البروفيسور في مركز علوم البيئة في بريطانيا، مارك سوتون، إن ”تحليلنا يثبت أنه بتحسين إدارة تدفق المواد المغذية نستطيع المساعدة في حماية البيئة والمناخ وصحة الإنسان، في الوقت الذي نعالج فيه المخاوف المتعلقة بالطعام وأمن الطاقة“.

وعلى الرغم من أن مزارعين أفارقة كثيرين من الدول الواقعة جنوب الصحراء يناضلون للحصول على مواد مغذية كافية لإنتاج محاصيل جيدة، فإن استخدام الدول الغنية والنامية بسرعة للمواد المغذية بشكل مفرط يهدد المناخ والتنوع الحيوي. [3] 

وقد أظهرت دراسة علمية متخصصة أن استخدام الأسمدة العضوية لا يخدم البيئة فقط، بل ينتج ثمارا أطيب مذاقا ويحقق أرباحا أفضل.

جاء ذلك في دراسة مقارنة أجريت في ولاية واشنطن الأميركية في الفترة ما بين عام 1994 وعام 1999 وشملت ثلاثة أنواع من مزارع التفاح تستخدم إحداها الأسمدة العضوية وأخرى تستخدم الأسمدة التقليدية وثالثة تستخدم مزيجا من السمادين العضوي والتقليدي.

وخلصت الدراسة في تقرير نشر في مجلة ”نيتشر“ العلمية إلى أن الأسمدة العضوية هي الأفضل من حيث الحفاظ على البيئة ومن حيث الربحية.

وقال جون ريغانولد من جامعة ولاية واشنطن أن استخدام الأنظمة الثلاثة يأتي بمحصول متساو من التفاح. واعتبر أن التربة التي مزجت بين الأسمدة العضوية والتقليدية ذات خواص أفضل للتربة، وتأثيرها السلبي المحتمل أقل من النظام التقليدي.

وتعد الدراسة هي الأولى التي تقدم أدلة علمية تؤيد النظرية القائلة بأن الأسمدة العضوية أفضل للبيئة. وتحتاج مزارع التفاح التي تستخدم الأسمدة العضوية مياه ري وعمالة أقل، ووصفها متطوعون في الدراسة بأنها أفضل مذاقا. [4] 

ما هو الفرق بين المنتجات المخصبة عضوياً والمخصبة كيميائياً؟

إن حبيبات ال Npk واليوريا المصنعة تعطي أحجاماً ضخمة للنباتات ومحاصيل جاذبة شكلياً للمستهلك ولكنها بدون طعم أو فائدة غذائية كاملة.

فهناك في التربة الزراعية المخصبة بأسمدة طبيعية تعيش مخلوقات مجهرية في حالة توازن حيوي «بكتيري فطري حيواني» تساعد على تفكيك وتيسير وامتصاص العناصر الكبرى والصغرى، هذه المخلوقات تتضرر وتختفي تدريجيا من التربة بعد الاستخدام المتكرر والعشوائي للأسمدة المصنعة بالإضافة إلى أضرارها على المياه الجوفية والبيئية المحيطة بالحقول الزراعية وصحة الإنسان والحيوانات.

ما هي أضرار المبيدات الكيميائية على الفرد والبيئة؟

الأصل في الزراعة هو للاستفادة المثالية من الاستراحة أو الحديقة المنزلية والمزرعة أن تكون تربتها وهواءها وأشجارها وزهورها وثمارها خالية السموم بمختلف أنواعها، لا أن تكون منطقة ملوثة بأنواع السموم الممرضة لكل مكوناتها الحية ابتداء من البشر والمخلوقات النباتية والحيوانية وانتهاء بالميكروبات المفيدة في التربة.

فالسموم لها تأثير على مكونات المزرعة الحيوية، لأنها تقضي على المخلوقات المجهرية في التربة أولا وهي البكتريا والفطريات المهمة لاستدامة الزراعة، ونحن نعرف أن التربة الصالحة للزراعة تحتوي على بكتريا محللة وفطريات بنسبة متوازنة من 1 إلى 1 حتى تنجح هذه المخلوقات في تحليل الأسمدة العضوية واستخلاص المعادن منها.

وأيضا هذه السموم ممكن تقضي على الحشرات والعناكب الصديقة للمزرعة والنباتات المزروعة فيها وهي مخلوقات تسمى الأعداء الحيوية للآفات مما يسمح بتكاثر الآفات عند غيابها، خصوصاً أن الآفات الحشرية والعنكبية والمجهرية تمكنت من تطوير أجيال جديدة مقاومة للمبيدات نتيجة الاستخدام العشوائي والمفرط وأحياناً المخالف لتعليمات الوزارة.

فعلى المدى البعيد ستلاحظ انتشار الآفات في استراحتك الزراعية؛ بسبب غياب الأعداء الحيوية للحشرات الضارة، وستضطر لزيادة جرعات الرش وتكرارها، ولن تنجح في التغلب عليها بغياب تنسيق مع جيرانك وغياب خطة محكمة ومدروسة للتغلب على الآفات المختلفة.

كما أن المبيدات الكيميائية تطلق مواد ضارة تتضمن العديد من المواد الكيميائية من صنع الإنسان وغير الموجودة في الطبيعة أصلاً فتدخل الشبكة الغذائية، وتدخل نتيجة لذلك إلى أجسام المخلوقات الحية عند شرب الماء أو عند أكل مخلوقات حية أخرى تحوي هذه المواد السامة.

وتقوم بعض المخلوقات بعمليات الأيض لهذه المواد، وتخرجها مع الفضلات، وقد تتراكم هذه المواد ويزداد تركيزها في أجسامها تدريجياً، حتى تصل إلى أقصى حد في المستويات العليا من الشبكات الغذائية فيما يعرف بعملية التضخم الحيوي.

لذلك أنصح بترك المبيدات السامة والتركيز على مبدأ «الوقاية خير من العلاج» بتوازن التسميد النيتروجيني الذي يساعد كثرته على إصابة الأوراق في القمم النامية بالحشرات والعناكب الثاقبة الماصة لعصارة الأوراق.

وبزراعة الأشجار الطاردة للحشرات وزيوتها كشجر النيم. وكذلك تشجيع المقاومة الحيوية في الاستراحة والمزرعة والحديقة مثل: القطط لمقاومة القوارض والسحالي والضفادع لمقاومة الحشرات، والعناكب وخنافس أبي العيد، واليعاسيب والسراعيف.

وهذه المخلوقات الهامة والصديقة للاستراحة والحديقة والمزرعة ستموت وتختفي وتهرب بمجرد استخدام المبيدات السامة، وستقع في دوامة لا تنتهي من الآفات والمبيدات.

لأن الآفات تكتسب بالطفرات الجينية مناعة ومقاومة، وتنقل هذه التكيفات المناعية للأجيال التالية، فتضطر إلى زيادة تركيز المبيدات للتغلب عليها.

واستخدام المبيدات العضوية المختلفة كعلاج اضطراري كآخر العلاجات بالتناوب والتباعد بينها لمنع الآفات المختلفة من نشوء أجيال جديدة تمتلك مناعة ضد هذه المبيدات العضوية.

[1]  الزراعة العضوية «اساسيات وتقنيات»، الدكتور ماهر سليم

[2]  دويتشه فيله

[3]  [4]  رويتر
باحث علوم أحياء