آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

عندما يترجل صانع الأجيال

فقدت سيهات عموما وخصوصا مدرسة ابن خلدون الابتدائية بسيهات بالأمس القريب 20 شوال رجلا نذر نفسه وجهده والكثير من عافيته في صناعة جيل متعلم وملتزم بالأدب. ألا وهو الأستاذ الحاج هاني منصور الخردواي رحمه الله. الذي قضى أكثر من 29 عاما من عمره في تنشئة وصناعة الأجيال. تاركا وراءه جيلا يحمل له الكثير من الاعتزاز والفخر، بل والمودة.

عندما يفقد المجتمع هذه الشخصية التربوية، فإنه يفقد بفقدها مصدرا للإلهام ومصنعا للتربية والتعليم الباني عقول الناشئة والمهذب لنفوسهم.

معرفتي بالفقيد - رحمه الله - تمتد لأربعين سنة وأكثر، فقد كنا ندرس معا في مدرسة الكندي الابتدائية بسيهات، وكنا زملاء دراسة برفقة بعض الإخوة والزملاء.

حيث كنا نخرج للفطور في مخابز دلتا ونشتري الزعتر.

كما درسنا في المرحلة المتوسطة معا، وتوثقت هذه الصلة في كلية المعلمين بالدمام عام 1410 هـ حيث كنا نرافق البعض في الذهاب والعودة للكلية.

حتى زادت العلاقة والصلة عند قدومي لمدرسة ابن خلدون عام 1426 هـ فكان - رحمه الله - من حفزني للقدوم لها والتشارك في خدمة الوطن والمجتمع من خلال هذه المدرسة.

كانت لنا معا علاقة خاصة، فكثيرا ما كنا نخرج معا للترفيه عن أنفسنا لنعود للعمل بأفضل طاقة إيجابية.

مآثر

ولعلي أجد نفسي مقصرا عندما أرغب في وصف ما كان يتحلى به من خصال كريمة قلما تجتمع في أحد فقد كان - رحمه الله - ممن ينطبق عليه القول:

«... إنك ترى له قوة في دين.. وإيماناً في يقين وحزما في لين...».

فقد كان ملتزما بالصلاة جماعة في المسجد أغلب الأيام ما استطاع سبيلا لذلك.

وفي الوقت نفسه تراه بارا بوالديه، ومما رأيناه منه وعايشناه معه أنه كان يلتزم بالحضور لوالده المرحوم ومرافقته في كثير من خروجه أو ملازمة الجلوس معه إن احتاجه لدرجة أنه يمتنع عن الاجتماع مع الزملاء ليبقى مع والده.

وفي المدرسة استطاع أن يمسك عصا العلاقة مع طلابه وزملائه ورؤسائه من الوسط. حتى كان الجميع يشيد بعمله من طلاب وزملاء وأولياء أمور وإدارات تعاقبت على المدرسة.

ويشهد له جميع من عاشره بلين الجانب ودماثة الخلق فلا هو بالغضوب ولا الملول ينصت لمن يكلمه ويقضي حاجة من استعان بكل أريحية وطيب خاطر وبنفس نبيلة.

وكما كان صانع جيل، فقد كان صانع بهجة ومحييا للابتسامة، يلقى كل الناس بابتسامة جميلة حتى مع سائقه الذي يعامله معاملة الابن البار.

له مزحات يذكرها بها من يختلط به وطرفٌ تثبت في الأذهان، وتستقر في النفوس.

فلا نقول له إلا رحمك الله أيها المعلم الفاضل وتقبلك الله بأحسن القبول وعليك من ربك ألف رحمة.

اللهم اجعل قبره روضة بين القبور وبلغه النور والسرور وانقله من ضيق اللحود إلى جنة الخلود في ظل ممدود وماء مسكوب وفرش منضود واحشره مع محمد وآله الطيبين الطاهرين.

كاتب سعودي، عضو مركز آفاق للدراسات والأبحاث