سوق العمل: ولاء أو فرص
لا أعلم مدى موافقتك للآراء التالية:
1 - يدفع أصحاب العمل المزيد لجذب موظفين من ذوي الكفاءات، لأنه لا أحد ينتقل إلى شركة جديدة بنفس الأجر.
2 - لا تتم مكافأة الموظفين المؤهلين المخلصين لمجرد ولائهم، لأنه لا يوجد سبب كاف يدفع الشركة إلى دفع المزيد من المال للموظف المتعلق بمكان عمله طوعًا. لا سيما إذا كانت لا توجد مؤشرات إلى أن الموظف المتفان سيذهب إلى مكان عمل آخر أو شركة منافسة.
حتما لكل شخص رأي في كلتا الفقرتين المذكورتين أعلاه، ولكن المؤكد أن جواب القارئ وترجيحه سواء: مع أو ضد الآراء أعلاه سيحسم أمر آخر وتبنى تبعات وقرارات ورؤى في حياته المهنية. الأمر الآخر هو استقراء جواب شاف على التساؤل التالي: هل أمكث بذات الوظيفة أو اقتنص فرصة عمل أخرى في مكان آخر أي ?shall I stay or go.
مع وجود المتغيرات المتسارعة في قوانين العمل والعمال وتغير أسقف حماية الموظفين وتسلح الشركات بعدة بنود وقوانين تعطيها اليد العليا في إنهاء أو إبقاء خدمات أي موظف بغض النظر عن قدراته ومؤهلاته وسنوات خدمته وولائه، جعلت عدداً من الموظفين يعيدون إدراج قائمة الأولويات وتعديل مستوى درجة الولاء والتعلق بأماكن عملهم. وإذا وضعنا في الحسبان أيضا استراتيجية الأتمتة في مصانع الأغلب من الشركات حول العالم هي أكثر فكرة رواج وتطبيقا وانتشارا في العالم، أشعل روح مراجعة فكرة الأمان الوظيفي - العمل الروتيني - الولاء الوظيفي - الولاء للشركة - الربحية - الكفاءة. وأصبح البحث عن العروض الوظيفية الأسرع مردودا بالنسبة للمال وعن قبول العروض الوظيفية وتغيير مكان العمل للموظف المؤهل والكفوء وصاحب الخبرات هي الأنجع للاستمرار في النمو المالي والمهني والعمر الوظيفي.
وهنا يعيد البعض طاقاته في توجيه طاقاته لاحتراف المهنة والولاء للقيم المهنية وليس التمسك بالولاء الأعمى لأي شركة أو التشبث باستعطاف رؤسائه. فالأغلب من الشركات حاليا تُدار بعقلية رأسمالية صرفة، حيث مؤشر زيادة هامش الربح والنمو ومعدل العائد بالنسبة للمبالغ المستثمرة ROI, وربحية حملة الأسهم هم الأساس وليس وجود موظف متفان. والحقيقة أن الموظف الذي لا يحرز نمواً في دخله ونمو في كفاءته المهنية ولا بصيص أمل لذلك بعد مضي فترة زمنية يُعتد بها، فإن احتمالية تجميده مهنيا هي الأكثر ورودا.
1 - ”في الدورات الاقتصادية «شبه الراكدة»، معظم الناس المؤهلة لا تحصل إلا على عدد قليل من الفرص. وعليه لابد على الشخص أن ينتهزها بقوة عندما تأتي لأنها نادرة حقًا حتى في الحياة الأكثر تفضيلاً“، نقلا بتصرف عن قول شارلي منجر Charlie Munger.
2 - ”معظم الناس يهتمون عندما يكون الجميع مهتمين. الوقت الذي تكون فيه مهتمًا هو عندما لا يكون هناك أي شخص آخر مهتم بذات الفرصة سواء شراء سهم أو عقار. لا يمكنك شراء ما هو شائع وتفعله بشكل جيد.“، منقول بتصرف عن وارن بافيت Warren Buffett.
الخلاصة: في عالم المال والأعمال، كلما تهيأت لك الفرصة للنمو المهني، كلما تطلب منك أن تكون أكثر إقداما في اقتناصها وأن تفصل موضوعيا بين الولاء لجيبك والولاء لرئيسك. طبعا هناك موظفون في بعض الشركات ما زالوا يعيشون في وهم شعارات بالية ومستهلكة ولم يفيقوا بعد من صدمات التغيير المتسارعة من حولهم في عالم المال والأعمال. حتى أضحى بعض أولئك الموظفون مفصولين عن الواقع ولديهم هشاشة مفرطة عند وقوع أقل صدمة وتهويل مفزع عند أول تغيير يواجهونه.
استيعاب ما يدور حولنا في سوق المال والأعمال والعمل وفهمه جيدا والجلد والمثابرة لاستنطاق الأفضل واستنباط الممكن مما فيه لإحداث أفضل الفرص ينم عن حنكة ورؤية وبصيرة وتباهة.