آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:33 م

ليلة العيد أجواء عبادية ومشاعر إيمانية

علي ناصر الصايغ

لعل ليلة العيد من أعظم الليالي وأقربها للقلب ولا تقل أهمية عن ليالي القدر الشريفة، فهي خاتمة الشهر الكريم ومجمع كل فضائل أيامه ولياليه وساعاته، بل كل لحظاته المباركة فهي في غاية الأهمية من حيث الفضل والأجر والثواب العظيم والفوائد المرجوة التي يأمل تحقيقها كل مؤمن، غايات عظيمة يطمح لها كل مسلم ويسعى للوصول لها لينال رضا الله، ويحظى بالتوبة والمغفرة والعفو والفوز بالمنازل الرفيعة والدرجات العالية في الجنان، ليتأمل الإنسان المؤمن في هذه الليلة المباركة ما هي الفوائد التي جناها والأهداف التي حققها في نفسه طوال الشهر المبارك، فهل تصالح مع ذاته ورسم خريطة لحياة كريمة، وهل تصالح مع الآخرين في تأسيس جسور جديدة يبدأ من خلالها صفحة بيضاء تفوح بعبق الصفح الجميل مورقة غصونها بأزاهير التسامح عاطرة بأريج بالمودة والحب والاحترام..

أعتقد أن ليلة العيد بكل ما فيها من البركة والفضيلة والأعمال العبادية، هي ليلة ينبغي على كل مؤمن أن يقف عندها مع ذاته وقفة تأمل يسترجع فيها كل ساعة وكل لحظة ذهبت من عمره في هذا الشهر الفضيل، كيف استفاد منها وفي ماذا استثمرها، فهناك إحساس جميل وشعور نبيل في نفس كل مؤمن جعل من هذا الشهر محطة ينطلق منها لممارسة الأعمال العبادية ويتقرب بكل عمل يقوم به لله تعالى، فكل فعل يقوم به المؤمن له أثر إيجابي على نفسه وله نتائج على سلوكه، فهو يراقب كل تصرفاته وأفعاله حتى الكلمة يسعى بقدر الإمكان أن يكون فيها لله رضا، فلا يغتاب ولا يذكر الآخرين بسوء بل يقدم الكلمة الطيبة إن أُتيح له الحديث، ويحرص على بناء جسور الود مع الجميع من خلال ممارسة الألفة، مُجدداً علاقاته بالآخرين من خلال ارتياده للمحافل الدينية واللقاءات الاجتماعية واهتمامه بالتزاور العائلي، ويبتعد عن ما يهدم جسور العلاقات أو يقطع صلة الأرحام ويفسد حبل الود بين الناس..

وكما يحرص الكثير من المؤمنين في هذا الشهر المبارك على القيام بالمأثور من الأعمال وهي كثيرة، يزداد حرصهم وإصرارهم في آخر ليلة منه فهي ليلة ختام الموسم الرمضاني الكريم وهي ليلة عيد الفطر حيث تختلط مشاعر الفرح والحزن بأجوائه الرائعة، وما بين حزن على موسم العبادات والطاعات وغفران الذنوب، وفرح مقبل مُحمل بالفرح والبهجة والسعادة، ولكن تبقى هذه الليلة فرصة ذهبية لتجديد الأمل في النفس وفرصة رائعة حتى يستعيد المؤمن طاقته ويبدأ من جديد يستغل الوقت لاستثماره بالعبادة.. بالصلوات وقراءة القرآن الكريم والمناجاة والأدعية والأذكار وزيارات الأرحام والأهل والأقارب والأصدقاء..

إن ثمرة هذا الشهر الفضيل هي في الحصول على كل المكاسب التي يمكن تحقيقها، فكل إنسان بحاجة أن يعيد جدولة مسيرته في الحياة مع الله ومع نفسه ومع الآخرين، وأفضل فرصة لذلك هي في هذا الشهر المبارك لما يفيض به من مخزون روحي كبير وما يحويه من دروس عظيمة في تربية الذات وصقل الشخصية بالإثراء الفكري والثقافي وصناعة العلاقات الطيبة مع الجميع، بِمَّد جُسور التواصل الاجتماعي والكلمة الطيبة وغرس مفاهيم التسامح وبث روح المحبة والمودة بين الناس..