المرأة سيدة البيت وأيقونة العطاء
اللهم وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرمت، وقد صرت يا إلهي منه إلى ما أنت أعلم به مني، وأحصى لعدده من الخلق أجمعين. اللهم لا تجعله آخر العهد، من صيامنا، في شهر رمضان، فإن جعلته، فلا تجعلنا من المحرومين، واجعلنا من المرحومين.
ومع اقتراب نهاية الشهر تلفت الانتباه أيقونة العطاء ورمز الوفاء سيدة البيت وملكته والشخصية العظيمة والمرموقة في حياة كل أسرة.
ونحن نعيش السمو الروحي في هذا الشهر الكريم لا بد لنا من وقفة تجاه شخصية عظيمة وإنسانة ندين لها بالفضل والشكر والتقدير والتكريم والعرفان، أن تتوج بتاج شرف المهمة الأعظم، إنها سيدة المنزل وملكته، نضعها اليوم على عرش التكريم من باب الاعتراف بفضل وجميل هذا الكائن الرائع المعطاء طيلة الشهر الكريم إن كانت أم أو زوجة أو أخت ستكون هي الوطن وملكته.
إن العقل والقلم يتوقفان بمجرد التفكير في نقطة انتقاء الكلمات التي تسطر لهذه المرأة العظيمة والمربية وسيدة البيت ذات الهمة والحنان التي تستحقه، وهي الإنسانة متعددة الطاقات. تصبح الأشد قوة في أوقات الأزمات والأكثر رقة في وقت الفرح.
سيدة المنزل هي المحور الدائم والطاقة الإيجابية التي تبعث الروح لمن حولها من أفراد الأسرة، وهي ينبوع الإبداع في نجاح الأسرة بنجاح أبنائها وتفوقهم وتميز زوجها ونجاحه وتنظيم منزلها وأسرتها وهي الشمس الساطعة التي لا تحجبها غيوم التعب والإرهاق أو الكسل، وهي الشمعة التي تحترق من أجل غيرها وتسعى بكل طاقة لخدمتهم، هي القلب النابض والحاني الذي يفيض بمشاعر الأنس التي تنسيك الشقاء والألم طول اليوم.
من واجبنا أن نعرف قدرها ونقدم لها الشكر والحب والأمان، فهي رفيقة الحياة والروح وهي شريكة الفرح والحزن والقلب الكبير الذي يتسع للجميع.
سيدة البيت: هي الورد والياسمين والفل وكل الروائح العطرة، فحضورها حياة وندى، وغيابها صمت وحزن، هي كل شيء فيه، فلا طعم ولا لون ولا رائحة لكل شيء فيه دون وجودها؛ فهي ماء البيت وهواؤه ونَفسُه وروحه، وهي العمود الفقري للأسرة، وهي الحكمة والهمة والعزم. هي نور البيت وأناقته، تخيم العتمة على المكان دون وجودها وتنطفئ الأفراح من القلوب.
هي مركز الإشعاع والطاقة، وهي تفكّر للأمام عن جميع أفراد الأسرة ليكونوا بخير وتصنع لهم كل شيء من الطعام والشراب والسعادة والرفاه والمحبة والعطاء اللامحدود.
إن جهد سيدة البيت إن كانت «الأم والزوجة والأخت» في رمضان عظيم، فهي مع تقسيم العبادة والعمل داخل البيت بكل طاقة إيجابية فمتى انتهت من عبادتها تبدأ بعد ذلك رحلة أخرى من التعب والمشقة ومتطلبات أفراد الأسرة، عندما تقف في المطبخ أكثر من خمس ساعات لإعداد طعام الإفطار بكل طاقة إيجابية، بل تتحامل على تعبها من أجل إنجاز ما يمكن إنجازه لأفراد عائلتها. ثم يأتي ما بعد الإفطار من تنظيف وتنظيم المنزل وتجهيز الحلويات وغيرها دون مساعدة وأحيانًا لا تجد كلمة شكر من البعض.
ونحن نستعرض كل هذه الصفات لملكة البيت وتاجه لا بد أن ننصفها في حقها ولو بكلمة ترضية، إن سيدة البيت في رمضان تبذل جهدًا مضاعفًا وتعب وسهر تحتاج إلى المساعدة والمساندة والتقدير لجهدها ولو بالكلمة الطيبة رغم أن كل الكلمات مهما علت لا يمكن أن تفي لهذه السيدة والملكة والأميرة حقها لما تقوم به من رعاية وعناية وعطاء غير مشروط.
فخر لكل سيدة تتميز بهذه الصفات وهذه الروح التي تتميز بالسمو والطاقة والعطاء وهنيئًا لكل أسرة لديها سيدة تتميز بهذه الشخصية وهذه الصفات.
وطوبى للنساء في رمضان، الأمهات والزوجات والأخوات على جهدهن في إعداد وجبة الإفطار وتنظيف الأطباق وتنظيمها وتقديم الشاي والقهوة والحلويات، ورغم ذلك يتممن واجباتهن الدينية بكل إخلاص ووفاء دون تعب أو ملل، فهن صمام الأمان وطاقة الفرح والعطاء، فهنيئًا لهن هذه الروح الجميلة المعطاء والمقدسة ويكفي أن الجنة تحت أقدامهن.
بعد شهر كامل من الجهد والبذل والعطاء. وجب علينا نحن معاشر الرجال تقديم الشكر مقرونًا بأسمى الأمنيات وأن يكتب الله لها الأجر ويمتعها بثوب الصحة والعافية! والمرأة حينما تعمل في بيتها لا تنتظر الشكر من أحد، إلا أن هذا لا يعفينا من كلمة شكر وتقدير واحترام وتقبيل هذه الأيادي التي طالما لسعتها تلك القدور الملتهبة بحرارة النار التي تقف أمامها لساعات حتى تكون المائدة جميلة بجمال وجودها في حياتنا.
شكرًا لها على صبرها الذي لا ينتهي وعلى سعة صدرها رغم حرارة أجواء المطبخ فهي لا تتوقف عن إنجاز عملها.
أقول إن صيامها أكثر تعبًا وأعظم أجرًا، شكرًا على قوتها التي نستمد منها القوة وعلى شموخها الذي نتعلم منه الشموخ. شكرًا على كل شيء يا كل من تلك الأيادي الجميلة التي تعرضت للتعب ولسعات النيران.
سيدتي: لقد قدمتي عمرك وصحتك ووقتك من أجل سعادتنا وراحتنا، وشهر رمضان أصبح أجمل بفضل وجودك ورعايتك، شكرًا لروحك الطيبة مع تلك الابتسامة الجميلة والعالية.
إنني مهما قلت وقدمت الشكر لكل سيدة فلا أستطيع أن أفيها حقها في جميع الأوقات فهي بحق الأم والزوجة والأخت. ففي شهر رمضان وغيره شمعة مضيئة للجميع.
وفي النهاية أتقدم إليكم بخالص التهاني والتبريكات بقرب حلول عيد الفطر السعيد وكل عام وأنتم بألف خير وصحة وعافية وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والدعوات بأن يعوده علينا وعليكم بالصحة والعافية.