أحضان المرايا
إلى كل من يعيش «هفوة» الحياة السرمدية هذه الوقفات، من باب العبرة، وعلى وجه الخصوص في أيام الجائحة «سلمنا اللهم وإياكم من أمثالها»..
نعم، ما زلت أقول وأكرر: إن لم تغير في سلوكنا ”كورونا“، لا خير في أعمارنا فوق ظهراني هذا التراب!
ليس من باب الوعظ، ولكن حياتنا أكبر مدرسة، وفصولها وجودنا، وسيرنا، ومعاملتنا؛ فلنصدق النظر في وجوهنا، لنعرف مصيرنا في نقاء أحضان المرايا!
عاش في حبٍ، وسلامٍ، وجمالٍ، وابتسامة فيما بيننا، وما إن تكشّف ستار العدوى، إلا وأُلزم بعدم الحضور لمقر عمله، خشية على العوامل الصحية التي لازمته كالسكر والضغط كأمرٍ وقائيٍ، وهو بنشاط وصحة جيدة!
فجلس في البيت، ووسائل التواصل كانت ملاذنا بتقبيل جبينه للحكايات والذكريات والومضات الفكاهية!
وما إن دارت الأيام القليلة، وإذا ”بمرض الخبيث“، «حمانا اللهم وإياكم منه» مُتفشٍ في أنحاء جسده!
فرحل عنا بسرعة، وخلّف لنا ابتسامته التي نمشي على خطاها إلى هذا اليوم بذكره الطيب «رحمه الله»!
كان يمارس الرياضة في أعلى مداه، وصافرة التحكيم في أقاصي رجواه، ولا يعلم بما يحمل من أوجاعٍ..
فأُدخل على إثر حرارة عالية ألمت بجسده الأسمر العناية فوق سريرٍ أبيضٍ، وجاهز التنفس يتوغل من ثغره للرحيل «رحمه الله»!
أُدخل هو وزوجته المشفى إجباراً، ولم يبرح كلاهما يراسل الأخر بالبداية، فاشتدت حالة زوجته، فأحيلت للعناية المركزة وارتحلت بعد أيامٍ معدودةٍ!
فأخذ يرثيها بشعره مدة أسبوعٍ على وجه التمام، ولحقها «رحمهما الله»!
وتبقت بأيدي عيالهما وأحفادهما الصور والأصوات والذكريات!
كان قوي الجسم، شامخ الهامة، مُتوالٍ للشهامة..
لا يخلو أيّ مجلس من وجوده، وشهوده كانت دموع المقبرة؛ لمنونه الذي حمله كلما زارّ ونزل عند قبر أمه وخالته «رحمهم الله»!
شاهدنا:
ألم تلحظ عزيزي القارئ فعل الماضي في بداية كل ومضة سردية «عاش، وكان»؛ فرفقاً بنا يا ماضي الأفعال، وتباً للحركة التي شكلت آخرك بالفتحة وربما النسيان؟!
ألم تتنبه أخي القارئ؛ جُل من كتبت أعمارهم طويلة من ناحية عدد السنوات، وخواتمهم قصة قصيرة جداً؟!