ماذا يريدون؟
الكل رأى وسمع وشاهد بأن هناك بعض أدوات الإعلام العالمي همها الأول والأخير تنفير الناس حول العالم من دين الإسلام واقتناصه لأي فرصة لذلك، لا سيما عند صدور ردة فعل عنيفة ما من شخص مسلم في أي بقعة من العالم يتم اضطهاده فيها. فيتبع أي حادث فردي مرتبط بشخص أو اسم له دلالة عربية أو إسلامية، إجراء محاكمة تلفزيونية على الهواء من قبل محطات تلفزيونية تابعة لوكالات إعلام عالمية لها ارتباطات بأيديولوجيات تتبنى الإسلاموفوبيا عبر احتضان محللين لهم باع طويل في علم النفس الاستفزازي والتمويهي. وتركز تلك الحملات الإعلامية على عدة أمور وأهمها التشنيع ضد المسلمين في بقاع الدنيا والتهكم على الحدود الشرعية المنصوص عليها في الإسلام وجلد كل المسلمين في العالم دون النظر إلى تفاصيل الموضوع والطرق السديدة للنقاش العلمي الرصين لذلك الحدث. فتعرض بعض القنوات الفضائية العالمية ومن يسير في فضائها، لقطات ما بعد الحدث، وتطلق العنان لمحلليها في وصم سمة الإجرام بكل من يعتنق ذات الديانة مع الفاعل للجريمة! وتحاك إسقاطات في الأحكام عند توثيق أحدهم لصور رجم بشعة في حق زانٍ مشهور بفسقه أو لقطات قطع يد سارق متعدٍ بصورة عنيفة في بعض مجاهيل أفريقيا. وتعمل إسقاطات ما أنزل الله بها من سلطان على أن القصاص والحدود أمر بربري وغير متحضر وقمعي وباطش. قد يكون المخرج الإعلامي لذاك البرنامج الإعلامي أو لصانع تقرير البانوراما الفلاني أو منتج برنامج وثائقي عن موضوع ما أراد التشنيع المتعمد لتنفير المشاهد من الإسلام ”بث روح الإسلاموفوبيا“، ولكنه في ذات الوقت غيب عن ذهن المشاهد الكريم ألم الضحايا لذاك المجرم العنيف والشاذ والسادي والقاتل والمستخف بحقوق وأرواح وممتلكات الآخرين. فضلًا عن تسبب المجرم في فقدان الأمن في ذلك المجتمع. نعم يحق للمخرج الإعلامي الأجنبي طرح نقاش موضوعي رصين وبناء عن الطرق المثلى لتنفيذ الحدود في كل الأيديولوجيات بشأن السارق والزاني والمغتصب والمجرم والمرتشي والخائن للأمانة والقاتل والمُهرب والمروج للمخدرات، ولكن ليس له الحق في اجتزاء لقطات من زوايا تصويرية معينة مع دمجها بسردية منمقة وتبشيع الحدث، فيسقط بعض المشاهدين غير الموضوعيين في بحر التعاطف مع المجرم ويكرهون إيقاع العقوبة عليه. لا بل ويكرهون الفارض للقانون!!. ”خطأان لا يصلحان الوضع - two mistakes do not resolve the issue“ شعار يستشهد به البعض وهذا في غير محله. فالمجرم مجرم والمغتصب مغتصب والسارق سارق والقاتل قاتل ولو وضعوا عليه طن من المساحيق وخففوا العبارات.
عبر مشاهدة عدة برامج وثائقية من عدة قنوات، وعبر ملاحظات ميدانية من أرض الواقع في دول أجنبية مختلفة تم زيارتها، شاهدت أن الأمور المذكورة بعاليه هي الحلقات التي ركز وتركز عليها بعض قنوات الإعلام العالمي لإثارة البلبلة ضد الإسلام وتشويه صورة الإسلام والمسلمين في أذهان الشباب والشعوب حول العالم. لا بل نجحوا في تضليل بعض أبناء أهل الإسلام لا سيما المغتربين ذاتهم لقلة الاطلاع وضحالة الثقافة وكثرة الضخ الإعلامي المعاد وغسيل الأدمغة وانعدام الصوت الآخر، فترى شاباً مسلماً يتنصل عن دينه وعرقه بسبب التشنيع في بعض قنوات الإعلام الغربي ضد الدين! والحقيقة أن بعض أجهزة الإعلام العالمي تخفي عمدًا محاسن دين الإسلام ويطمسها ومن أعظم تلك المحاسن المطموسة إعلاميًا في العالم الأجنبي على سبيل المثال لا الحصر: بر الوالدين، احترام الكبير وتوقيره والعطف على الصغير، صلة الرحم، الشهامة والمروءة والرجولة والكرم، الدفاع عن المظلوم والانتصار له، احترام الخصوصية وتحريم التنصت على الآخرين وعدم النميمة والابتعاد عن الحسد، حفظ حقوق الجيران حتى البعيد منهم، مكارم الأخلاق، حفظ الكرامات، أداء الأمانة، عدم التمييز على أساس العرق أو اللون، حفظ الأنفس المحترمة والأموال والأعراض، التعاطف مع الفقير، الإيمان العميق بالله العلي القدير،.... الخ.
وفي المقابل يروج بعض ذلك الكاره للإسلام أنماط دعائية أذكرها بنقاط ونعقب مع تعليق بسيط على بعض تلك العناوين:
عدد القنوات واللقطات والصور المبثوثة والمنشورة للإباحية في العالم الافتراضي بكل برامجه ”سناب / يوتيوب / فيس بوك / تويتر... الخ“ يشيب منها رأس الولدان. ويؤكد حقيقة أن هناك أيادٍ قذرة خفية وغير خفية مصرة على إفساد الناس عبر هذا النشر المستمر والمتكاثر للرذائل. ويتم نشرها بادعاء مخادع مفاده جسدك ملكك فاعمل به ما تشاء! ومن يقع ضحية في رذيلة الإباحية لا يسلم من التشتت وقلة التركيز وضمور الفكر واتباع خطوات الشياطين وإهمال القيم واحتمال الوقوع في الرذائل وولوج دروب مظلمة واستنزاف الموارد والكفر بالرب وعبادة الشهوات.
دعاة الرذيلة يعلمون يقينًا بأن الزواج المبكر حل ناجع لتحصين الشباب والفتيات وضربة استباقية ضد العنوسة وسد منيع من الانحلال الأخلاقي وصيانة للمجتمع من الرذيلة. ولذلك يُشهر البعض من الملحدين بالزواج المبكر ”18 سنة فما فوق“ ويسوقون إعلاميًا صورًا قاتمة وسوداوية عن الارتباط الأسري المبكر ويهولون من إمكانية انهيار طموح الزوجة وضياع مستقبلها إن هي أقدمت على تلك الخطوة. تهويل تبعات الزواج المبكر وتعقيد صور مصروفات التكاليف واختلاق قصص مع وضع بهارات لقصص فشل زواجات، حطم أحلام مشروع بناء أسر جديدة قبل انطلاقه. والمجتمع الواعي الحي الفاعل يستنطق حلولًا مبتكرة قبل استفحال مشاكل العزوف عن الزواج أو تفشي ظاهرة العنوسة وانتشار الرذيلة وازدياد معدل التحرش وتفشي السقطات والابتزاز والغراميات الزائفة والشذوذ.
دعاة الانحلال حول العالم لا يعجبهم صيانة المرأة لجمالها لأنهم ببساطة يطمعون أن تشيع الفاحشة بين الناس عبر زنى البصر وزنى السمع وزنى الفروج. فلا يكتفون بأن يمارس الآخرون حريتهم في ارتداء الحجاب من عدم لبسه، بل ويحرضون على من لا تنزع حجابها بالإقصاء. فيحطمون أحلام طالبة في جامعة أو في مكان ممارسة مهنة بسبب حجابها. ويزعمون كذبًا بأنهم يحترمون الحريات الفردية والعقائد المختلفة! ومن يتبع خطواتهم فإنهم يسوقونه سوق النعاج ويفرضون عليه نوع وشكل ولون اللباس تحت مسميات مختلفة. ويكون المقياس في الأناقة هو الألبسة التي يصممونها ويصنعونها ويبيعونها. فتكون التنورة القصيرة ”mini jupe“ للفتاة هي مقياس التحضر وروح التمدن والعيش مع أنغام العصر الحاضر وما سواه تخلف!!.
الحرية الفردية كلمة حق أُريد بها باطل. فبسبب الفقر والبطالة وتوظيف مفاهيم مغلوطة استطاع البعض من الأشرار تجنيد شباب مراهقين وفتيات مراهقات عبر تطبيق فيس بوك / تيليغرام / سناب شات للقيام بأمور محرمة عرفًا وشرعًا وعقلًا وإنسانيًا ونظاميًا. والواقع أن كمية الفلتان والفوضى في العالم الافتراضي واستغلال الأشرار لمفهوم الحرية الفردية التي زرعها البعض في رؤوس الشباب / الفتيات، أدى لوقوع عدة كوارث وجرائم ومعاص ومعاصي وسرقات واعتداءات جمة. والمتابع لآخر أخبار العالم لديه شواهد شاخصة.
مُنذ الأزل يسعى العقلاء على ضبط أفراد المجتمع وحفظ الكرامات وصيانة الحرمات والحقوق وإرساء النظام الاجتماعي المحترم. في المقابل أهل الانحلال يسعون إلى عكس ذلك كله، ومن تلك الأدوات فرض الاختلاط بالقوة على الجميع في كل شيء لإثارة الغرائز وإلغاء الانضباط وإطلاق العنان للانفلات.
خلط البعض في بعض الدول مفهوم صيانة الأموال المحترمة والحفاظ على حياة المجرم، فاختلط الحابل بالنابل وزاد الهرج والمرج ونرى التجرؤ على أموال وممتلكات الآخرين والأعراض في بعض المدن ببعض الدول أضحى ظاهرة. بينما الإسلام أصر على ضرورة صيانة الحرمات الثلاث: النفس المحترمة والمال والأعراض. وأي مجتمع لا يطمئن أفراده على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم مجتمع منفلت لا يصلح للعيش الآدمي وإن طالت عمارة مبانيه ووسعت شوارع مدنه.
تهكم بعض الفساق على حد إقامة الحدود وحد الزنى أحد تلك الحدود. وفي غمرة سوء إقامة الحدود في بعض المناطق في العالم، بشع البعض القصاص والحدود في أعين العالم. في المقابل استخف ذات البوق الإعلامي بالأعراض فأضحى تعاطي الجنس المحرم في بعض الدول المعاصرة أسهل من إجراء اتصال هاتفي. وهذا أمر مخجل وفاضح لنوايا أهل الرذيلة وضد الفطرة السوية.
وفي العبادات: حرض الخبثاء بدهاء ومكر وعبر العالم الافتراضي على مفاهيم عبادية وجوفوها من المعاني الروحية ومن أمثلة ذلك:
- الصيام... حركات رياضية تنفع الجسد
- الأكل الحلال... شعار تجاري للتكسب
- الأذان والصلاة... يتهكمون على المصلين
- الحج لبيت الله الحرام... يتهكمون على الطائفين
وأحدثوا تشويهات وأثاروا اللبس واللغط أو فرضوا بالإرهاب الفكري مفاهيم مغلوطة ورسومًا كرتونية ضد مصادر التشريع في الإسلام ومن أمثلة ذلك:
- التعرض للقرآن الكريم بالحرق والإهانة والتمزيق
- سعيهم لتنفير الناس من ذكر الصلاة على النبي وآل بيته الكرام
- سعيهم لصد الناس عن ذكر مناقب النبي وآله الكرام لا سيما الإمام علي بن أبي طالب
- التحريض على الصد عن أدعية النبي وآل بيته وطمس الإرث الروحي المربي على الفضيلة والارتباط بالله العلي القدير.
باختصار هناك أعداء للبشرية وللأخلاق وللقيم السامية وللإنسانية. والإعلام العالمي أداة بأيدي البعض من ذوي الحقد الدفين ضد الإسلام ووضع أولئك البعض الدين الإسلامي هدفًا من مراميهم فاستغلوا وما زالوا يستغلون أخطاء بعض أبناء الإسلام لتشنيع والتشهير ضد الإسلام في كامل المعمورة. والجيل الحالي والقادم من المسلمين في المهجر أو غير المهجر يجب أن يتحصن من التسطيح والتفاهة والمخادعة ويسعى بكل جهده لتهذيب النفس من النزوات الساقطة والشهوات الماجنة العابرة فالمجتمع والوطن بأمس الحاجة لطاقتهم البناءة والخلاقة. فكونوا حيثما أنتم متواجدون دعاة للإسلام الحق بأفعالكم وأخلاقكم وأمانتكم وليس بألسنتكم فقط.