تسبيحة الأنصار
تسبيحة الأنصار
اغْرِفْ مِنَ المِشْكَاةِ مَا مَعْنَاهَا
إِذْ رَفَّ فِي الشَّهْرِ الكَرِيمِ سَنَاهَا
فِي لَيلَةِ الفُرقَانِ مِيقَاتُ الرُّؤَى
نُورٌ تَجَلَّى مِنْ أَدِيمِ ثَرَاهَا
حَتَّى أَضَاعَ النُّورُ غُربَةَ عَاشِقٍ
وَسَقَتْهُ بَدرٌ نَصرَهَا وَسَقَاهَا
كَانَتْ غَدِيرَ الحَقِّ ضِدَّ ضَلَالَةٍ
فَيضُ الهُدَى عِرفَانُهَا وَهُدَاهَا
أَسعَى.. وَأَبْحَثُ فِي زَوَايَا صُبحِهَا
مُذْ أَشْرَقَتْ نُورًا جَبِينُ سَمَاهَا
فَرَسَمتُهَا شَمسًا وَكَانَ شُعَاعُهَا
مِنْ نُورِ مِصبَاحِ الرِّسَالَةِ طَهَ
وَكَتَبتُهَا لِلسَّالِكِينَ قَصِيدَةً
يَمِّمْ بِشَطْرِكَ وَاسْتَمِعْ نَجْوَاهَا
وَاقْرَأْ مَضَامِينَ استِقَامَةِ ثُلَّةٍ
بَلَغُوا بِآفَاقِ الثَّبَاتِ مَدَاهَا
خَاضُوا غِمَارَ الحَربِ.. كَانَ أَذَانُهُمْ
إِنَّ الثَّبَاتَ شَرِيعَةٌ نَرضَاهَا
لَبُّوا.. وَكَانَ الذِّكرُ يَسكُبُ بَوحَهُمْ
آيَاتُهُ.. لَا يَعرِفُونَ سِوَاهَا
سَاقُوا الضَّلَالَ إِلَى الجَحِيمِ.. وَإِنَّهُمْ
سِيقُوا إِلَى عَدنٍ وَطِيبِ شَذَاهَا
قَدْ عَبَّدُوا بِالعِشقَ دَربَ شَهَادَةٍ
إِذْ لَوَّنَ الصَّحَرَا نَجِيعُ دِمَاهَا
فَهُنَاكَ مَسَّ الرَّملَ طُهرُ دِمَائِهِمْ
هَلْ يَا تُرَى أَلقَتْ بِبَدْرَ عَصَاهَا
تَسْبِيحَةُ الأَنْصَارِ فِينَا أَزهَرَتْ
عَهدًا لِمُنتَظِرِ الإِمَامِ نَدَاهَا
هِيَ آيَةُ الإِشْرَاقِ تُومِضُ كُلَّمَا
دَارَتْ بِآفَاقِ الزَّمَانِ رَحَاهَا
هِيَ نُسْكُ مَنْ غَرِقُوا بِأَنهَارِ الهُدَى
هِيَ فِطْرَةٌ العُرَفَاءِ.. فُلكُ نَجَاهَا
هِيَ عُدَّةٌ.. سِرُّ المُلَبِّي دَعوَةً
عَقدٌ تَجَذَّرَ بِالوَلَا وَتَنَاهَى
حَتَّى إِذَا كَشَفَ المُؤَمَّلُ غُمَّةً
بَلَغَتْ بِهَا رُوحُ النَّصِيرِ مُنَاهَا
هَذِي تَرَاتِيلٌ سَتَمْلَأُ قَلبَنَا
فِي كُلِّ كَربٌ فَالرَّسُولُ رَوَاهَا
أَنْتَ الرَّجَاءُ -إِلَهَنَا- فِي شِدَّةٍ
ثِقَةٌ إِذَا نَزَلَتْ بِنَا بَلوَاهَا
أَنْتَ الغِيَاثُ إِذَا تَعَاظَمَ كَربُنَا
وَالأَرضُ نَزفُ جِرَاحِهَا أَعيَاهَا
أَنتَ المَعِينُ لِقَلبٍ يَشتَكِي ظَمَأً
مَا ذَاقَ إِلَّا دَمعَةً وَأَسَاهَا
أَعيَتهُ حِيلَتُهُ وَزَادَ هُمُومَهُ
خُذلَانُ صَحبٍ أَو كَثِيرُ أَذَاهَا
فَشَكَا إِلَيكَ.. فَلَا سِوَاكَ يُجِيرُهُ
فَرِّجْ أَيَا كَهفَ الوَرَى وَحِمَاهَا
سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّنَا
فَرَّجتَ مَا شَفَّ الجَوَى وَبَرَاهَا
طَابَ الشَّهِيدُ.. حِكَايَةً عَرشِيَّةً
مِنْ سِدرَةِ القُرآنِ طَابَ جَنَاهَا
هُوَ ثَابِتُ الأَركَانِ أَوَّلَ عِشقَهُ
لُغَةً بِقَامُوسُ الفِدَاءِ بَرَاهَا
البَوحُ فِيهَا مَبدَأٌ وَعَقِيدَةٌ
فَالمَوتُ حَقٌّ وَالخُلُودُ قِرَاهَا
وَالبَعثُ حَقٌّ.. وَالنُّشُورُ حَقِيقَةٌ
نَهجُ الصِّرَاطِ، وَجَنَّةٌ وَافَاهَا
عَهدُ السَّمَاءِ إِلَى شَهِيدِ كَرَامَةٍ
مِنْ بِاسمِهِ رَبُّ الجَلَالَةِ بَاهَى