آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 5:57 م

خيوط المعازيب ومشاهير الأحساء

حسن السلطان *

‏إن وجهات النظر حول مشاهير الأحساء متضاربة بين متطرفة بين يمين وشمال، ما بين جيل متابع لهم ويجد فيهم متعة الفرجة وبين جيل يجد فيهم السماجة والخروج عن المألوف، وأنا بشكل شخصي غير متابع لهم ولست أميل لهذا النوع من الطرح لكنه قبل عامين قمت بمتابعتهم من أجل فهم متغيرات الزمن وتحليلها بصورة عقلانية بعيدًا عن العاطفة الاجتماعية، وأول شيء قمت بعمله أنني تجردت من الواقع واعتبرتهم أفرادًا من جزر الوقواق.

‏لقد تابعت مقابلات تلفزيونية لأفراد من هذه «القروبات» فردية وجماعية ووجدت أن هناك اتفاقاً حول ما يعرض أنه تمثيل ومقالب متفق عليها ومخطط لها مسبقًا، مثل ما يحدث في لعبة المصارعة الحرة التي لها شعبية جارفة في العالم من عهد الطيبيين وحتى يومنا هذا، وإذا كان ما يعرض تمثيل عبر سيناريو يومي فيه جزء كبير من التلقائية والابتكار بدل النص المكتوب فلماذا لا نعتبره فنًا كوميديًا ارتجاليًا مثل ما يسمى مسرح طارق العلي، أو مسلسلًا كوميديًا بسيناريو وأفكار بسيطة مثل #شباب_البومب؟

‏لقد رصدت الكثير من ردود الفعل الإيجابية جدًا والتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي على قروب مرتضى الذي له شعبية جارفة جدًا في الوطن العربي ويحاول المحافظة على القيم العامة قدر المستطاع، وقروب أبو ريان الذي يقدم نموذج الشاب الفلة، وقروب حسين البقشي الذي تسبب في ازدواجية المعايير عند البعض وذلك لوجود واحد من نجوم مسلسل خيوط المعازيب الفنان الكوميدي علي الشهابي معهم، الذي غير نوعًا ما من الصورة النمطية للقروبات، وصار البعض يعتبر ما يقدم فنًا وليس تشويهاً بما يحتويه من مقالب وأفكار وأسلوب مشابه للقروبات الأخرى.

‏ما جعلني أكتب هذا الكلام هو النجاح الكبير لمسلسل #خيوط_المعازيب الذي تزداد شعبيته كل يوم أكثر وأكثر، وقد ربط البعض المحتوى الرائع لهذا المسلسل بما يقدم من محتوى غير مناسب ومشوه لصورة الأحساء حسب تعبيرهم من قبل قروبات المشاهير، واستخدام اللهجة بشكل مسيء، وهذا الربط ليس صحيحًا مطلقًا حسب وجهة نظري الخاصة، مع كامل التقدير والاحترام لوجهات النظر المختلفة معي والنابعة من محبة الأحساء.

‏ماذا لو قلت أنه ربما واحد من أسباب نجاح المسلسل وانتشاره في الوطن العربي هي قروبات المشاهير في الأحساء؟

‏ إن كمية التسويق للأحساء التي قدمها المشاهير لا تقدر بثمن، ولقد سمعت هذا الرأي من شخص مثقف ويقرأ أي حراك اجتماعي بوعي، وقال أنه بسببهم يتمنى زيارة الأحساء، ومن يريد معرفة الفروقات بين مشاهير الأحساء وغيرهم عليه متابعة مقاطع قروب غازي الذيابي ويقرأ التعليقات التي كلها تنمر من الدرجة الأولى، ومع ذلك لم أجد من يقول بأنهم يشوهون مدينتهم بما يقدم بل على العكس هو محل ترحيب بين جماعته وأهله.

‏لقد تجاوز مشاهير الأحساء بقروباتهم الكوميدية محيط الخليج العربي إلى جميع الدول العربية وأصبحت اللهجة الحساوية معروفة ومحببة وهو ما سهل تقبل المسلسل حتى أصبح في المراكز الأولى كأعلى متابعة على منصة شاهد هذا العام خلال شهر رمضان، وربما يتصدر الترتيب مع سخونة الأحداث، وحتمًا سوف تستمر مشاهدته حتى بعد شهر رمضان.

‏إن الأحساء التي قدمت أسماءً في جميع المجالات وخاصة الأدب والثقافة بالسنوات الأخيرة مثل حيدر العبدالله الفائز بجائزة أمير الشعراء وأسطورة الشعر العربي العملاق جاسم الصحيح الفائز بجائزة المعلقة مؤخرًا لا يمكن لأحد أن يشوهها مطلقاً.

‏أما مسلسل خيوط المعازيب فقد عكس صورة الإبداع الأحسائي في المجال الفني وأكد على أن الفنانين عبدالمحسن النمر وإبراهيم الحساوي هم الأبرز في الساحة الفنية الخليجية حاليًا من حيث الدراما الواقعية أو حتى كوميديا الموقف، ولن تجد لهما عملًا فنيًا ركيكًا، وهذا يدل على القيمة الفنية العظيمة وقدرتهم على حسن الاختيار.

‏ الجميل في العمل أن القائمين عليه لم ينساقوا إلى الهبة العربية من استخدام المشاهير في التمثيل للترويج للعمل، بل كان الإبداع الحقيقي والعناية بأدق التفاصيل هي السبب في النجاح الباهر إلى درجة أنك تعتقد بأن شخصية رويشد التي قام بها الممثل فيصل الدوخي هي لشخص تعرفه جيدًا كان يعيش في بلدتك، وشخصية المشاغب فرحان للفنان الشاب محمد عبدالخالق هي تلك الشخصية التي في الكثير من تفاصيلها إما هي جزء من شخصيتك في الماضي أو لأحد الأصدقاء المشاغبين.

‏وعلى سياق الحديث عن المسلسل ماذا لو خرج شخص وقال إن شخصية أبو عيسى الشرير هي تشويه لصورة الأحسائي الطيب؟

‏راح نلطمه على فمه ونقول له هذا تمثيل وهو نفس المبدأ الذي يتعامل به قروبات المشاهير أن التمثيل يبرر ما يقدم.

‏الأحساء جميلة بتنوعها وتقبلنا للجميع، وليس هناك من يستطيع أن يشوه الصورة الجميلة التي ولله الحمد محبوبة من جميع أبناء الوطن، ونجاح المسلسل هو جزء من نجاحات كثيرة في جميع المجالات، وقروبات المشاهير ناجحة لأنها من الأحساء فقط.