آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

فيتامين الروح

مصطفى صالح الزير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: آية 28].

يَضعُف الإنسان بانعدام الذكْر، فيُصاب بالبرد لأقل ريح باردة تهب عليه، ويُصدَم لأبسط انزعاجَ يمر به، فالذكْر هو فيتامين الروح وبروتينُه الفعال، وهو يعمل على تقوية أعصاب منظومة فكر الإنسان وعضلاتها.

فلو أننا سمحنا للذكر «القرآن الكريم - الصلاة - الدعاء...» بأن ينهض بواحد بالمئة من الإجراءات التي نتخذها لعلاج مشاكلنا وهمومنا وأحزاننا، ستعالج تلك المشاكل بشكل أفضل، وتزول الأحزان وتنشرح الخواطر...

مفهوم فيتامين الروح:

يُستخدم مصطلح ”فيتامين الروح“ مجازياً للإشارة إلى العوامل التي تُغذي الروح، وتُعزّز مشاعر السعادة والرضا والسكينة، وتبعث فيك روح النشاط والقوة في كل الظروف والمواقف.

تتنوع مصادر فيتامين الروح، وتختلف من شخص لآخر وأهمها:

ممارسة الشعائر الدينية والتواصل مع الله تبارك وتعالى من خلال الصلاة وقراءة القرآن الكريم والدعاء والحضور إلى المساجد والحسينيات ودور العبادة...

والتأمل والتفكر في معاني الحياة ومجرياتها، ومعطياتها، وأيضاً نتائج أقوالنا وأفعالنا.

ورد عن الإمام الكاظم : ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل خيراً استزاد الله منه وحمد الله عليه، وإن عمل شيئا شراً استغفر الله وتاب إليه [1] .

شعورك بالانتماء إلى الدين الإسلامي المبارك «من القرآن الكريم وكلام الحبيب المصطفى محمد وأهل بيته الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

في العلاقات الإنسانية نحتاج إلى:

- قضاء بعض الوقت مع العائلة والأصدقاء الخُلص.

- التفاعل مع المجتمع والانخراط في الأعمال التطوعية بتفكر وتدبر وعقلانية بحيث لا يكون هنالك إفراط ولا تفريط لا سمح الله.

- بناء علاقات إيجابية وداعمة مع أشخاص يبعثون فيك روح الأمل وروح العطاء وروح التفوق وروح التسامح وروح الإبداع...

- ممارسة الفنون مثل الرسم والكتابة والقراءة.

- التعبير عن مشاعرك وأفكارك بِطُرق إبداعية جاذبة للقلوب والأرواح من خلال نبرة صوتك وكلماتك المليئة بالحب والخير والطاقة.

- استكشاف مواهبك وإمكانياتك وتسخيرها في تطوير نفسك وأسرتك وخدمة مجتمعك ووطنك الغالي.

- الاهتمام بنفسك والحصول على قسط كافٍ من النوم،

- اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام وتخصيص وقت للراحة والاسترخاء.

وينبغي عليك التركيز على الجانب الإيجابي من الحياة والامتنان للنعم الموجودة في حياتك.

أولها شكر الله تبارك وتعالى ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ... [2] 

أيضاً عند التطوع في الأعمال الخيرية وتقديم المساعدة للآخرين لا تنتظر منهم المقابل ولا حتى نظرة الرضا في عيونهم.

قال تعالى: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ.. [3] 

في هذه الآية الكريمة إشارة واضحة إلى فوائد التطوع على المتطوع نفسه، فبالإضافة إلى الثواب الجزيل والأجر العظيم في الآخرة، فإنه في الدنيا يحصل على مردود معنوي كبير وطاقة روحية عالية جداً، لأن العمل التطوعي وسيلة مهمة من وسائل الحصول على السعادة والراحة النفسية.

«في ظل حالات العفو والبذل والإيثار تتحول روح الإنسان إلى روح إنسانية».

نأتي إلى بعض آثار العمل التطوعي:

1 - إشباع الجانب الديني والروحي: يتميز العمل التطوعي في الإسلام بخاصية أنه يدخل في جانب السعادة الأخروية وكسب رضا الله عز وجل، وفيه فتح باب للتعود على احتساب الأجر من الله تعالى.

2 - إشباع الحاجة إلى النجاح والإنجاز وتحقيق الأهداف: يشعر الفرد بدافع نفسي يحثه على التطوع ليقوم بعمل يحقق لذاته إحساساً عميقاً بالإنجاز وتحقيق الأهداف من خلال ما يقوم به من خدمات عظيمة ومباركة للمحتاجين.

ولا يشعر بالإنجاز والنجاح إلا من جرب ومارس العمل التطوعي، ورغم ما يواجهه المتطوع من متاعب وما يبذله من جهد فإن الشعور بتخفيف الأعباء عن كاهل الآخرين وتلبية ما يحتاجونه ومشاهدتهم وهم بحال أفضل إحساس بالنجاح لا يضاهيه شعور آخر.

- ورد عن رسول الله ﷺ: أحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعباده، وأقومهم بحقه، الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله [4] .

- وعنه ﷺ: الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيت سروراً [5] .

الأمر ليس مقتصراً على فئة الشباب فقط، بل هو يزداد احتياجا كلما تقدم الإنسان في عمره، خاصة بمرحلة التقاعد، هنا يعطيهم التطوع قيمة مهمة، ويعيد التوازن إلى حياتهم.

3 - إشباع الحاجة إلى الحب والاحترام والثقة بالنفس: احترام الناس وتقديرهم له، ولما يقوم به تجعله أكثر اعتزازاً بنفسه وبقدراته، وبذلك يعرف الشخص قدراته وإمكانياته جيداً، ويعمل على ممارستها، ومن خلالها يتعرف الآخرون على قدراته وإمكانياته، فيزدادون تمسكاً به وحباً واحتراماً له.

العطاء صفة ربانية يمتاز بها أصحاب القلوب البيضاء والأيادي الخضراء.

[1]  الاختصاص، 26

[2]  سورة إبراهيم آية رقم «7»

[3]  سورة البقرة آية رقم «184»

[4]  تحف العقول 376,49

[5]  الكافي: 2 / 164 / 7 وح 6 وص 199 / 10.