المستمسك الرمضاني «3»
ماذا لو قيل لك بأن هناك فرصة ووسيلة تقدم لك على طبق من ذهب تدعوك إلى التخلص من بعض العادات السيئة، والتي ترسبت وترسخت في سلوكياتك وغدت تصرفات ملازمة لك في كل حواراتك وتعاملاتك مع الآخرين؟!
بلا شك أن العقل الواعي يدعونا لاغتنام كل فرصة متاحة لتعزيز تقدمنا وتحقيق آمالنا، وذلك لنقوم بعملية تصفية وتخلص من كل الشوائب والعيوب والأخطاء التي حرفتنا عن طريق التكامل والنجاح، وهناك من العادات والسلوكيات السيئة التي تلبس واتصف بها وأضحت معيقا له في تحقيق ذاته، ولا بد من سعي نحو التخلص منها وإيجاد الطرق والمعالجات للتغلب عليها والحصول على نتائج حسنة في هذا المضمار، وتغيير السلوكيات الخاطئة عملية تحتاج إلى مثابرة وجهود في طريق ترويض النفس وتعويدها على اكتساب الصفات الجميلة والتوقف عن الممارسات الخاطئة، ومن الخطأ أن نعتقد بأن صورتنا النهائية من حيث السلوكيات وطريقة التفكير ثابتة ولن تتغير وعلينا تقبل صورتنا المخدوشة بالعيوب وعلى محيطنا الاجتماعي التكيف مع هذه الأخطاء الصادرة منا أو التعامل الجاف وغير المرحب به معهم، صورة العجز والضعف عن التخلي عن تلك العادات ماثلة في مخيلته ومسيطرة على جهوده وخطواته، ويحتاج المرء حينئذ إلى إعادة برمجة نفسه والمتضمنة كل آماله وطموحاته وأهدافه الواقعية ومعرفة السبل لتحقيقها وتجاوز كل العراقيل المصادفة لطريقه، وعماد التحرك الإيجابي للتغيير والتخلي عن السلوكيات الخاطئة هي الإرادة القوية والعصية على الانكسار والتراجع واليأس، فامتلاك زمام الأمور وضبط النفس أمام الصعوبات والإخفاقات التي يواجهها، والضعف النفسي أمام التحديات هو ما يجب التخلي عنه وتجنب الروح السلبية وفقدان الثقة بنفسه وقدراته.
ولن نجد فرصة ثمينة تعزز ثقتنا بأنفسنا وتقوي إرادتنا كالموسم الرمضاني، حيث فكرة الإمساك عن المفطرات فقهيا وأخلاقيا تعزز المناعة والحصانة في أنفسنا أمام المغريات والصعوبات لتجاوزها بكل اقتدار، فهذه الرحلة التدريبية الممتدة لشهر كامل تعزز في الصائم القدرة على تغيير الآفات الأخلاقية عنده كالتكبر والأنانية والطمع والبخل والكذب وغيرها، فتلك الأنماط السلوكية يمكنه تغييرها من خلال التعود على تركها والتخلص منها تدريجيا حتى تتخلص نفسه من تلك السموم المعنوية، فبالعزيمة والإصرار سيصل إلى مراده وتتبلور الصورة الجميلة والخالية من تلك العيوب.
?
?