آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

خيوط المعازيب.. دراما اجتماعية - اقتصادية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

وأخيراً خرج لنا عمل درامي سعودي يمكن تصنيفه دراما“اجتماعية - اقتصادية”، التي تتناول تداخلاً بين قضيتي الطبقية الاجتماعية والمكانة الاقتصادية، وما تفرزاه من إشكالات الفقر وتأثيراته والسعي لتنقل بحثاً عن عمل سعياً لتحسين الظرف المعيشي، وتأثير الثراء وانعكاسات الجمع بين المال والنفوذ.

ومن زاوية، لعل السؤال الخفي الذي يحمل“خيوط المعازيب”إجابة له - بقصد أو من غير قصد - هو: كيف كانوا يعيشون؟ لم نشاهد النهاية بعد، أما الأحداث فستتوالى ليصل المخاض إلى أوجه، وفي ترقبٍ ليبسط العمل أحداثه، فمِن المسلم به أن لخياطة البشوت أوجه اجتماعية واقتصادية، وليس متوقعاً من عمل درامي أن يأتي بإجابات دقيقة للأسئلة، فهو ليس عملاً وثائقياً توثيقياً، بل جهد تغلفه الدراما من جوانبه كافة، وسيلتزم بالخط المرسوم للنص.

‎ ما جاء به“خيوط المعازيب”من بداية حلقته الأولى هو أنه قرب صورة المجتمع الأحسائي الحرفي والمهني، ليس مقاربةً توثيقية بل درامية، وجلب مع تلك المقاربة عدسة مجهرية جعلت بؤرتها تتفحص السمات العامة الأحسائية مثل اللهجة، رغم أن لهجة أهل الأحساء لهجات. وجلبت تلك المقاربة كذلك بواكير التغييرات القادمة على المجتمع الأحسائي بما في ذلك الأنشطة الاقتصادية المتوارثة، ليتفتح ذلك المجتمع على بداية صناعية ستقلب الحياة في الأحساء وبقية بقع السعودية مع بروز التأثير الجارف للنفط، وتؤثر على النسق الاجتماعي المتوارث تبعاً للحراك الاقتصادي الجارف.

ولاشك أن الأحساء ثرية بالصور المجتمعية، أخذاً في الاعتبار أنها البقعة التي مكثت قروناً وهي الأكثر سكاناً وثراءً وتنوعاً اقتصادياً على الضفة الغربية للخليج العربي في حقب ما قبل النفط، لا ينافسها منافس ولا ينازعها في ذلك منازع: إذ كانت تزخر بالموارد ولاسيما المورد البشري المنتج، والذي ارتكز إليه اقتصاد حرفي يصدر ليس فقط التمور والبشوت، فقد كانت الأحساء أقرب ما تكون لمجتمعٍ مكتفي ذاتياً بسبب التنوع الاقتصادي من زراعة وصناعة حرفية «بدائية» بما في ذلك النسيج والحدادة والنجارة وسواها، فقد كانت مقصداً لما حولها من بادية ولبلدات وقرى للتبضع وللحصول على الخدمات على تنوعها.

قد يصعب تصديق أن يذهب التنافس بالشخص لإيقاع أذى بالأشخاص، لكن التنافس على الزبائن والتصدر في السوق كان دائماً حاضراً، وأخذ مآخذ عجيبة وموجعة في منعطفات زمنية، ننتظر إن كان العمل الدرامي سيتناولها أم لا.

بالنسبة لي المسلسل هو إطلالة درامية جادة لإبداء ما تحتضنه ‎#السعودية من ثراء؛ فكيفما اتجهت تجد ما يستحق أن يكتشف ويستثمر.

وليس أدل على انخراط صناعة البشت حياكةً وتطريزاً من أن تجد أسر يمارس أفرادها الحرف المرتبطة بصناعة البشت، هذا التغلغل المجتمعي دخل حتى في المفردات «كأن يقول أحدهم للأخر: ترى ببردخك تبردخ، نسبة لعملية البردخة وهي صقل زري البشت»، وفي الصلات الاجتماعية، فهناك مجتمع“المخايطة”كما هناك مجتمع“الصاغة”. فضلاً عن التواصل مع مراكز الطلب الأهم على البشوت في العاصمة الرياض أو بقية المدن، فقد كانت الأحساء سوق البشت الأساس، بالطبع أخذ الوضع يتغير بعدما أخذت دائرة الطلب تتوسع مع زيادة الطلب على النوعيات الأعلى جودة بعد تحسن المداخيل بعد اكتشاف النفط. ولعل الجزء الثاني يتناول هجرة بعض معازيب الخيوط الأحسائين إلى البحرين والكويت والعراق والشام.2. كيف ننمي الايرادات بأن ننوع مصادرها؟ وهنا الخيارات عديدة: أن نزيد النشاط الاقتصادي ونحفزه، وقد تتطلب زيادة النشاط تمويلاً. لكن - بداهةً - زيادة التمويل دون زيادة في النشاط ستكون عبئاً.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى