ضيوف عند الضيف
شهر رمضان الكريم هو شهر مقدس عند المسلمين في جميع أنحاء العالم ويعتبر فرصة سنوية لتطهير الروح والجسد معاً.
من أهداف صيام شهر رمضان الأساسية تنقية الجسم وتحفيزه على تنظيف وتطهير نفسه من السموم والفضلات التي تراكمت خلال السنة من خلال عملية التنظيف الذاتي للجسم والمعروفة بالأوتوفاجي“Autophagy”، حيث يقوم الجسم بتنظيف نفسه بنفسه وإزالة الخلايا الميتة، استعادة المواد القيمة من الخلايا التالفة، ثم يعيد استخدامها لبناء خلايا جديدة. تعد الأوتوفاجي عملية مهمة جداً لأنها تلعب دوراً رئيساً في تجديد خلايا الجسم وإصلاحها، وإزالة البروتينات غير الصحية أو التالفة، تنظيف الأنسجة، إضافة إلى تقليل الالتهابات والأمراض وتعزيز صحة الجهاز المناعي. ينشط الصيام عملية الأيض التي ينعكس تأثيرها على الجهاز الهضمي وما له هو الآخر من أثر كبير على بقية أجهزة الجسم، فالمعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء.
نستطيع تشبيه الصيام بعملية إعادة ضبط المصنع للأجهزة الإلكترونية، فهو يعتبر ك» إعادة الضبط» لأجهزة الجسم حيث يتم منحها فترة راحة لتنشيط وتنظيم عملها وإعادة التوازن لعملياتها الحيوية، أما من الناحية النفسية، فيعتبر شهر رمضان فرصة للارتقاء بالنفس البشرية من خلال التحكم في الغرائز، وتهذيب الذات وشحذ الإرادة عن طريق الامتناع طواعية عن الطعام والشراب وسائر الشهوات والملذات الدنيوية طوال فترة الصيام. يتعلم المسلمون أيضاً فيه التسامح، والصبر، وقوة التحمل، والشعور بالآخرين ومشاركتهم النعم التي أنعم الله بها علينا. إضافة إلى كل ذلك إلى كل ذلك، الشعور الرائع بالراحة، والسكينة والطمأنينة الذي يعم أرجاء المعمورة خلال الشهر الكريم، ولا حاجة للتذكير بما وعد الله - سبحانه وتعالى - به المسلمون من نعيم الدنيا والآخرة إذا التزموا بتعاليمه وتقربوا إليه بالصلوات والعبادات وخصوصاً في شهر رمضان الكريم.
يقول ابن الصباغ الجذامي: «هذا هلال الصوم من رمضان بالأفق بان فلا تكن بألواني وأفاك ضيفاً فالتزم تعظيمه واجعل قراه قراءة القرآن صمه وصنه، واغتنم أيامه وأجبر ذما الضعفاء بالإحسان»، ويعتبر المسلمون شهر رمضان المبارك ضيفاً ويجب أن نحسن ضيافته، لكن الحقيقة هي أننا الضيوف عند هذا الضيف المقدس الكريم وقد أحسن هو ضيافتنا لكننا لم نحسن ضيافته!