الرضاعة الطبيعية والصيام: إضاءات وتوجيهات
في الأيام التي سبقت شهر رمضان كثرت على مسامعي مقولة ”أنا أريد أن أرضع طفلي رضاعة حصرية، ولكن شهر رمضان قادم وحليبي سيكون قليلا!“
في البداية أهنئكم بشهر رمضان المبارك، جعله الله شهر خير وبركة علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية.
دعونا نتكلم عن كيفية تكون الحليب قليلا.
يتكون الحليب في ثدي الأم داخل حويصلات الحليب المبطنة بخلايا تصنيع الحليب، والتي تخضع بدورها لهرمون الحليب «البرولاكتين»، فكلما زاد هرمون البرولاكتين، زادت كمية الحليب الذي ينتجه الثدي.
إن هرمون البرولاكتين هو هرمون ينتج من الغدة النخامية في الدماغ، ويزداد إنتاجه في الليل خاصة وقت النوم كلما رضع الطفل من أمه، لذلك دائما ما نوصي الأم بالرضاعة الليلية مع أخذ قسط كافٍ من النوم أثناء الليل.
لتصنيع لتر من الحليب للطفل، تحتاج الأم إلى لتر من الماء وسبعمائة سعرة حرارية، وعادة ما تأخذ مائتين منها مما تراكم من الدهون في جسمها لتتخلص من زيادة الوزن المكتسب أثناء الحمل، وتحتاج لزيادة كمية غذائها بمقدار خمسمائة سعرة حرارية.
ماذا يحدث في رمضان، ولماذا يقل حليب الكثير من الأمهات المرضعات؟
تعودنا في أغلب المجتمعات الإسلامية أن ننام ما نستطيع من نهار رمضان، لنقوم ما نقدر ليلا، فالأمهات لا يحصلن على القسط الكافي من نوم الليل، كذلك تعودنا على أكل الحلويات والنشويات «مثل الخبر والهريس والجريش والمعكرونة»، وكلها مواد تأخذ مدة طويلة لتهضم، وتمتص من الأمعاء فتقل رغبتنا في الأكل، كما أن هذه المواد تزيد من كمية السكر في البول، فيخرج معه كمية كبيرة من الماء، أضف إلى ذلك أننا ولكي نتخلص من الشعور بالنعاس في الليل، والذي هو شعور طبيعي - حيث خلق الله الليل للنوم - نقوم بشرب المنبهات «مثل القهوة والشاي» والتي بدورها تقلل من إنتاج الحليب لأنها مواد مدرة للبول، وبالتالي تؤثر في كمية الماء في جسم الإنسان.
فكيف تحافظ الأم المرضع على كمية حليبها في رمضان؟
لعل الإجابة بدت واضحة لكم الآن.
تحتاج الأم أن تركز في غذائها على البروتينات والمواد ذات القيمة الغذائية العالية سريعة الهضم مثل الفواكه والخضروات، وتقلل من السكريات والمواد النشوية، فعادة ما ننصح الأم المرضع أن تفطر بالتمر والماء، وبعد الصلاة تحاول أن تركز في أكلها على اللحوم والبروتينات النباتية مثل البقوليات، شرط أن لا يكون الطفل مصابا بأنيميا الفول، وبعد ساعتين تأكل وجبة خفيفة من الفواكه والخضروات، ثم تأخذ وجبة العشاء التي تحتوي على البروتينات، ولها وجبة خفيفة أخرى من الفواكه أو الخضار قبل السحور، وكما ننصح أن يكون السحور مركزا على المواد البروتينية ويفضل أن يؤخر قدر الإمكان.
كما أن على الأم أن تشرب ما لا يقل عن لترين إلى ثلاثة من السوائل، والتي يفضل أن لا تحتوي على السكر، وكذلك تبتعد عن المنبهات قدر الإمكان.
إن قسطا من النوم في الليل يزيد من إفراز هرمون البرولاكتين ليحافظ على كمية حليب الأم، ولا أنسى هنا أن أذكر أن هرمون إدرار الحليب «الاكسوتوسين» والذي يفرز أثناء الرضاعة يصيب الأم بالعطش، فتعتقد الأم أنه ربما يكون حليبها قليلا، ولكن في الحقيقة أن هذا الشعور ستحس به الأم رغم أن كمية حليبها غير قليلة.
عزيزتي الأم، اعرفي أن الرضاعة في شهر رمضان أمر ليس سهلا، ويكتب الله لك الأجر والثواب، ولكن لا تنسي أن الإرضاع عبادة يثيبك الله عليها بالكثير من الأجر ودعاؤك أثناء الرضاعة مستجاب، فلا تنسينا ووالدينا من الدعاء، ولك منا الدعاء بأن ييسر أمرك، ويسهل عليك ويرزقك وطفلك من حيث تحتسبين ومن حيث لا تحتسبين.