آخر تحديث: 5 / 10 / 2024م - 10:01 م

إثراء.. قراءة ومحافظة على البيئة

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

لم يكتف مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بتنظيم ورعاية القراءة بالمملكة وخارجها في العالم العربي، بل كان أيضًا حريصًا على المحافظة على البيئة؛ وذلك من خلال إحدى الفعاليات التي نظمها ضمن برنامج «أنا أقرأ». هذه الفعالية، التي سُمِّيَت «ماراثون القراءة»، هي عبارة عن برنامج يهدف إلى تشجيع الناس على القراءة في المكتبات العامة «إيمانًا بدور المكتبة في إثراء الحياة العلمية والثقافية والحضارية». وقد نُظِّمت هذه الفعالية في مكتبتين عربيتين؛ هما مكتبة الإسكندرية في مصر، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إضافة إلى مكتبة إثراء في مدينة الظهران السعودية، وذلك ما بين 29 فبراير و2 مارس 2024.

لكن الجميل في هذه الفعالية هو التزام مركز إثراء بزراعة شجرة عن كل 100 صفحة مقروءة، مستهدفين الوصول إلى 500 ألف صفحة هذا العام، من أجل زراعة خمسة آلاف شجرة، وذلك بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر في المملكة.

وكان أسلوب المشاركة في المبادرة إيجابيًّا ومرنًا للغاية؛ حيث يمكن اختيار أي كتاب من الكتب المعروضة في المكتبات الثلاث المذكورة، أو حتى إحضار كتاب من المشارك نفسه، شرط أن يقرأه داخل إحدى هذه المكتبات، ويسجل اسم الكتاب لدى لجنة خاصة لاستقبال المشاركين، ثم قراءة ما يشاء من صفحات في يوم واحد أو أكثر، فإذا وصل إلى 100 صفحة فقد أصبح مستحقًّا لميدالية رمزية من مركز إثراء، ويكون بذلك ساهم في زراعة شجرة في مكان ما في العالم، ما يؤدي إلى زيادة الرقعة الخضراء.

كما أن القارئ يستطيع القراءة بأي لغة شاء، حتى إنني عندما شاركتُ في المبادرة في الظهران وجدت إحدى المشاركات الأمريكيات التي سبقتني بالحضور تفتخر وتبادرني بالقول:“لقد زرعت شجرتين اثنتين.. لقد زرعت اثنتين”. ويمكن أيضًا لأي شخص من أي عمر المشاركة في الماراثون، كما يمكن المشاركة بأكثر من كتاب موزعة على أكثر من يوم.

وقد وصل عدد الصفحات المقروءة بنهاية الماراثون إلى ربع مليون صفحة في كل من السعودية ومصر والمغرب، حيث ستزرع 2504 شجرات.

ويأتي هذا البرنامج، الذي أقيم بنفس فكرة برنامج سبقه اقتصر على ثلاث مدن سعودية هي الظهران والرياض وتبوك، من أجل خلق توازن فكريّ وبيئيّ لدى المشتركين؛ حيث إنه كما تستهلك طباعة الكتب نسبة كبيرة من الرقعة الخضراء في العالم، فإن مركز إثراء رأى من مسؤوليته زراعة أشجار للتعويض عنها. ومن ناحية ثانية كان التوسع العربي في الماراثون“لاعتقاد المركز الراسخ بأن موضوع القراءة هو رابط مشترك بين الدول العربية”، وفق ما جاء في البيان الختامي للماراثون.

وهكذا فإن هذا الماراثون خلق لمحبي القراءة فرصة جديدة لزيادة عدد الصفحات التي يقرؤنها ما يزيد حالة المران القرائي في المجتمع مع زيادة وعيهم بالتأثيرات البيئية لاستهلاك الورق وإيجابيات ومنافع زراعة الأشجار. كما دفع بمحبي المحافظة على البيئة نحو القراءة من أجل زيادة الرقعة الخضراء في عالم اليوم للتخفيف من أخطاء ومثالب الاندفاع الجنوني نحو قطع الأشجار في بعض دول العالم بمختلف الحجج.

* إني لا أعلم شجرةً أطولَ عمراً ولا أطيبَ ثمراً ولا أقربَ مجتنى من كتاب. الجاحظ