خُذ الدنيا ببساطة
خليك طبيعي وعالج أمور الدنيا ببساطة، وإلاّ فقد تقحم نفسك في مشاكل وقلاقل وضغوطات لها أول ما لها آخر، حتى لو حرصت. هذا خلاصة حديث مفيد وثري بالأفكار دار بين زميلين، وهنا أسرد ما دار بينهما:
علي: لا داعي لكل هذا التعقيد، خذ الأمور ببساطة.
خالد: كيف وأنت تشوف كل يوم والأمور تزداد تعقيداً في كل شيء؟ حتى في العبادات والمعاملات والتواصل مع الناس و... إلخ.
علي: صديقي العزيز، ببساطة:
أ» إذا كان مصدر قلقك أنك لم ترَ عزيزاً عليك أو مشتاقاً لسماع صوته والاطمئنان عليه، فبادر واتصل به.
ب» وإذا كنت مشتاقاً للقاء شخص ما، فبادر وادعُه على كوب شاهي أو قهوة أو وجبة طعام، أو ادعُه إلى اللقاء به أو رتّب المرور عليه.
ت» إذا كنت تودّ أن تفهم موضوعاً ما، فبادر وابحث في النت واسأل أهل الدراية واقرأ عن الموضوع في الكتب المعتبرة.
ث» إذا كان يشغل ذهنك سؤال ما، فبادر بطرح سؤالك على من تثق بعلمه وتقواه وصدق حديثه.
ج» إذا كنت لا تُحبّ عُطباً بجهاز ما، فبادر بإصلاحه أو تعلّم طريقة إصلاحه ومن ثمّ أصلحه.
ح» إذا كنت لا تُحبّ شخصاً ما / مكاناً ما، فبادر بالابتعاد والإعراض عنه.
خ» إذا كنت منزعجاً من أنباء ما، فبادر بفهم الواقع والتأكد من الحقيقة وتجنّب الانكسار، وأطفئ المذياع أو بدّل القناة التي تشاهدها لبعض الوقت.
د» إذا كنت محبّاً لشيء ما أو شخص ما أو موضوع ما أو أسلوب معالجة ما أو فكرة ما، فصرح بذلك حيثما تسنح الفرصة لذلك ولمن يهمه الأمر فقط.
ذ» إذا كنت ممن أتعبهم خلاف فقهي ما في موضوع ما داخل مجتمعك، فبادر بدراسة تمحيصية للموضوع بكل جوانبه وآراء مفكريه الثقة العدول، وتبنّ موقفاً يرتاح له قلبك وعقلك ووجدانك، ويبرئ ذمتك أمام الله جلّ جلاله. واترك مسافة متساوية من كل الأطراف، ولا تدخل في أتّون أيّ صراعات أو ملاسنات أو مزايدات أو مشاحنات لا ناقة لك فيها ولا جمل. واشترِ راحة نفسك ورضا ربك وصلاح مزاجك.
ر» إذا كنت تطمح لبلوغ هدف معين، فبادر بجهدك ومثابرتك لتحقيقه.
ز» إذا كنت غير راضٍ عن وضعك المالي / الاجتماعي / الوظيفي، فبادر وتحرك نحو صنع الأحسن لك قولا وفعلا وتخطيطا وإصرارا.
س» إذا كنت تخشى من الشجار والمشاجرات والحوادث، فبادر بالابتعاد عن الأماكن المشبوهة والأشخاص المشبوهين ومناطق الاختناقات المرورية وأوقات الذروة وأماكن تواجد أهل السوء.
ش» إذا كنت قلقاً من التضخم في الأسعار في بعض السلع، فبادر بتقليل كمية الاستهلاك لتلك السلع أو إيجاد البديل أو زيادة الدخل أو تغيير مكان إقامتك.
ص» إذا كنت خائفاً على مستقبل أبنائك، فبادر واحرص على تأمين أفضل مستوى تعليمي ممكن لهم، وتابع دروسهم أولاً بأول، وحثّهم على إتقان عمل ما، فالرزاق هو الله.
عزيزي مستر خالد، باختصار، خذ أمور الدنيا ببساطة وبادر لصنع الحدث الذي يصبّ في صالحك، ويبرئ ذمتك ويريح ضميرك، ويزيد اطمئنانك ويمدّ في استمرارية عطائك وإسهامك وأثرك. وأما الأحداث التي تقع خارج نطاق سيطرتك، فلك ربّ كريم يدير كامل الكون، فثق به واعتمد عليه وادعُه واجتهد في الدعاء لبلوغ أمرك. وتذكر يا مستر خالد الآية الكريمة: ﴿أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: آية 185]، وتذكر الآية الأخرى: ﴿بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [الأنعام: آية 152]. فإذا الله جلّ جلاله نبهنا لحقيقة تكفّله بنا وعدم تحميلنا بأكثر من طاقتنا، وأنّ إرادة الله جلّ جلاله ماضية بنا نحو الرحمة واليسر في أمور مرتبطة بالدين والآخرة والدار الدائمة، فكيف والحال هنا بأمور دنيوية طارئة وعابرة؟
”حبيبي تعال في ضيافة الله في شهر الله المبارك“. فأمورك، لا سيّما بعد استحضار قلبك الطيب وتقوى الله جلّ جلاله، إن شاء الله إلى خير. فمن كان مع الله كان الله معه.