عندما تصبح ندوب الحرب.. درعاً
- لا يوجد إنسان لم يواجه الفشل في أمر من أمور حياته، وربماً ليس من الإنصاف أن نسميه فشلاً، بل هي دروس قيمة علمتنا تفادي المواقف المشابهة وعدم السقوط فيها مرة أخرى.
إن الفشل الحقيقي هو الفشل في تجاوز الفشل. إن الجلد على رقته وضعفه، هو خط الدفاع الأول لجسم الإنسان، يحميه من دخول البكتيريا والجراثيم، عندما يصاب الجلد بجرح، تصبح تلك المنطقة ضعيفة من السهل اختراقها، حتى يلتئم الجرح مكون نسيج ليفي بطبقة أسمك وأقوى من باقي الجلد تسمى ندبة، تلتئم الجروح مكونة ندبات، درعاً يذكرنا بالحروب التي خضناها والألم الذي قاسيناه وتغلبنا عليه، ذلك الدرع يحمينا في مواجهة التحديات المستقبلية. تقاس خبرتنا بقوة ذلك الدرع وتعتمد قوته على عدد وحجم تلك الندوب التي حصلنا عليها طوال حياتنا ونجونا منها. يستهلك منا العمل على شيء ما مجهوداً وطاقة نفسية وجسدية تكون بعض الأحيان كبيرة جدّاً في محاولة إنجازه والنجاح فيه.
ويخبرنا قانون نيوتن الثالث للحركة أن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه. فإذا لم نستطع إنجازه تتولد لدينا طاقة ألم وحزن وإحباط مساوية لطاقة البناء والحماس والأمل التي بدأنا العمل بها، لكن معاكسة لها في الاتجاه، تجرنا للأسفل فنشعر بالضعف، والعجز وقلة الثقة بالنفس، وربما توقفنا تماماً عن المحاولة مرة أخرى. تلك المشاعر التي اجتاحتنا سواء في بداية المهمة أو نهايتها، هي طاقة بإمكاننا توجيهها لتدمير أنفسنا، أو لبنائها من جديد.
فإذا اخترنا أن ندمر أنفسنا فهو الفشل بعينه، أما إذا اخترنا أن نبني بها أنفسنا، فسيكون البناء عظيماً ومحكماً؛ لأنه سيترافق هذه المرة مع وجود الحنكة والخبرة التي اكتسبناها لإنجاز المهمة بطريقة أفضل. يبهرني التأمل في هذا الكون العظيم وتنظيمه الدقيق والمعقد الذي تتجلى فيها قدرة الله وحكمته الإلهية. ويبهرني أكثر التأمل في تفاصيل خلق الله البسيطة التي تكشف عظيم قدرته ومدى ضعفنا كبشر وقلة حيلتنا وأننا مهما أوتينا من العلم ما هو إلا قليل. كثيراً ما أجد نفسي شاردة الذهن، منغمسة في التفكير متأملة في زهرة صغيرة نبتت بين الصخور الصلبة أو شقت طريقها في تصدعات الطريق الأسفلتي. كيف لنبتة بتلك النعومة وذلك الضعف أن تتغلب على صلابة الصخور وقوة العوامل البيئية، وتصمد، وتنمو وتزدهر! قرأت معلومة جديدة مؤخراً أذهلتني، وهي نصيحة لمقتني النباتات المنزلية بتحريك ساق النبتة من وقت لآخر؛ لأن ذلك يقويها ويعزز تمسك جذورها بالتربة. أما بالنسبة للأشجار والنباتات الخارجية فمواجهتها للرياح والعواصف كفيل بالقيام بتلك المهمة.
إذا تلك القوة التي تتعرض لها النباتات إما أن تقتلها أو تقويها وتقوي تمسك جدورها بالأرض وتشبثها بالحياة، والضربة التي لا تقتلنا، تجعلنا فعلاً أقوى..!