آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

الرجولة ورفض السمات الأنثوية

هاشم آل حسن

يُقدم الإسلام منظومةً شاملةً للحياة تعالج تعقيدات السلوك الشخصي وآداب التعامل الاجتماعي والواجبات المجتمعية. وتحتل مكانةً مركزيةً في عقيدته تعظيم القيم المرتبطة بالرجولة، كالإيمان بالله والشجاعة والقيادة والاستقامة الأخلاقية. ولا يتم الدفاع عن هذه القيم والسلوكيات فقط من أجل الاستقرار الذي تجلبه للأسرة والمجتمع، بل أيضًا لأنها ضرورية لحماية القيم المجتمعية وضمان العدالة وتعزيز الألفة والمحبة والتعاون.

وفي الوقت نفسه، يُظهر الإسلام تقديرًا للتنوع الفكري والعقائدي، داعيًا إلى الاحتفاء بالاختلاف ضمن إطار قيمه الجوهرية. ومع ذلك، يُحدد الإسلام ضوابط للتعبير عن الأدوار الاجتماعية للجنسين، مُعارضًا أي سلوكيات أنثوية لدى الرجال بهدف الحفاظ على التوازن بين الجنسين والتكامل ضمن نسيج المجتمع الإسلامي.

تُعتبر الأسرة حجر الزاوية في المجتمع الإسلامي، حيث يلعب كل فرد دورًا مميزًا في استقرارها وازدهارها حيث يُوكل للرجال على وجه الخصوص قيادة الأسرة، ويُكلفون بإعالة أبنائهم وحمايتهم. هذه القيادة لا تتعلق بالسلطة بل بالخدمة والتوجيه والإرشاد لكونهم قدوة صالحة. وبالتالي، يرتبط التركيز على مهارات الرجولة ارتباطًا وثيقًا بالوفاء بهذه المسؤوليات، مما يضمن بقاء الأسرة كوحدة قوية ومتماسكة.

النموذج الإسلامي للرجولة يُعد دعوة للرجال ليكونوا حماة للوطن، رعاة للعدالة، مُعيلين للأسرة، وسندًا للمحتاجين، مُعززين بذلك الأمن والاستقرار والتناغم في المجتمع. يُشجع هذا النموذج على احترام تعدد المعتقدات والأفكار، مُرسخًا قيم التسامح والتعايش.

وفي ضوء هذه التعاليم، يُعد الرجل في الإسلام مثالًا للقوة والأمان، ولكن بمعنى يتجاوز القدرات البدنية ليشمل القوة الأخلاقية والروحية. هذه الرجولة ليست مجرد حالة طبيعية بل هي مسؤولية عظيمة تتطلب الوعي، الإرادة، والعمل المستمر لتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات داخل النسيج الاجتماعي.

غالبًا ما يُنظر إلى السلوك الأنثوي، الذي يتميز بصفات ترتبط تقليديًا أكثر بالأنوثة لدى الرجال، على أنه يتعارض مع السلوكيات المثالية للرجولة في التعاليم الإسلامية. ينبع هذا القلق من الاعتقاد بأن مثل هذه السلوكيات تطمس الأدوار والمسؤوليات المميزة التي يحددها الإسلام للرجال والنساء. كما ينبع هذا الموقف من القلق من أن مثل هذه السلوكيات قد تمحو أو تساهم في تغيير الأدوار والمسؤوليات الواضحة التي يحددها الإسلام للرجال والنساء، والمصممة لضمان التوازن والانسجام الأسري والاجتماعي.

يُنظر إلى السلوك الأنثوي لدى الرجال بقلق لعدة أسباب:

• يُعتقد أنه يطمس الأدوار لكل جنس والمحددة دينيا والتي تعتبر محورية للنظام الاجتماعي والأخلاقي للمجتمع الإسلامي. ولهذا يمكن لمثل هذه السلوكيات أن تؤدي إلى الارتباك وضعف البنية المجتمعية، مما يؤثر على استقرار ووظيفة الوحدة الأسرية والمنظومة الأخلاقية الإسلامية.

• كما يُنظر إلى هذا السلوك على أنه يمس من سلامة الفرد الروحية ومكانته الأخلاقية. ولذلك في الإسلام، ليس الالتزام بالأدوار للذكر والأنثى مجرد عرف اجتماعي بل توجيهًا عقائديا. وهكذا يُنظر إلى الانحراف عن هذه الأدوار ليس فقط كفشل شخصي ولكن أيضًا كتجاوز وانحراف للنظام المجتمعي والديني.

ولهذا يُظهر الإسلام رفضه للسلوكيات الأنثوية لدى الرجال، مؤكدًا على النموذج الرجولي كمثال يحتذى لضمان الصلاح الفردي والمجتمعي ليقدم تصورًا متكاملاً للرجولة، يتجاوز القوة البدنية ليصل إلى بناء الشخصية القويمة، الفاعلة، والمؤمنة. فالرجل الصالح في الإسلام هو الذي يسعى لتحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة، من خلال الالتزام بمكارم الأخلاق، وتحمل المسؤوليات تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه.

وحتى تتمدد وحدة المجتمع في الإسلام وانطلاقًا من المبادئ التي تحكم الحياة الأسرية والمجتمعية لأن روح الأخوة والدعم المتبادل بين المسلمين أمر محوري، يلعب الرجال والنساء أدوارًا رئيسية وواضحة المعالم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي. ومن المتوقع أن يجسد كل من الرجال والنساء من خلال أفعالهم القيم الإسلامية، مما يساهم في مجتمع قوي وعادل ورحيم ومتماسك ومزدهر ومتوازن.