آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

قيمة النظافة واحترام بيئة المجتمع

علي حسن آل ثاني

نتحدث على الدوام في كثير من الأمور التي تؤرقنا، والتي تشكل هاجسا لنا جميعا كمجتمع وأفراد مثل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلخ، ولكن دائما المشاكل البيئية تسكن في آخر قائمة اهتماماتنا! لماذا؟ هل لأنها بالفعل ليست بتلك الأهمية، أم لقلة الوعي؟

رغم أنها من المفروض أن تكون من أولويات مشاكلنا وهي من المشاكل الخطيرة التي يجب التنبه لها وتوعية المجتمع عامة والفرد بشكل خاص.

إن الثقافة البيئة لا تقتصر على التلوث باختلاف أشكاله، بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة العامة.

الثقافة البيئية تجعلنا ندرك أهمية التعايش وقيمته، فنحن لا نعيش بمعزل عن العالم، والضرر الذي يتسبّب فيه الفرد بسبب أنانيته أو عدم وعيه وإدراكه سيضر كماً هائلاً من البشر من حوله.

وكثيرة هي التصرفات والمشاهد والآداب العامة التي تعبر عن سلوكيات وإهمال بعض أفراد المجتمع والتي تحتاج إلى رسائل تنبيه كونها مخالفة للذوق العام.

وكل منا يحتاج إلى وقفة فضفضة حتى يرتاح فكريا، فلم يعد الكلام مباشرة ذات فائدة كالسابق لأن الناس لم تعد تتقبل النقد أو النصح، وكذلك الرسائل المعتادة لم تعد جاذبة تستحق القراءة والاهتمام لم نجد شيئا لافتا لجيل «السوشيال ميديا» رغم انتشاره بكافة قنواته لازال البعض لايرا ولا يسمع، بل هو في عالم والوعي لديه في عالم آخر بتعنت وإصرار وجهل وهذه أكثر الكلمات التي تطلق عليه.

وإليكم بعض هذه المشاهد المسيئة للذوق العام والبيئة.

1- المشهد الأول:

قيمة النظافة واحترام حق الآخرين.

سلوكيات ننزعج منها عندما نكون نحن ضحاياها، لكن البعض منا قد يجود لنفسه عذراً أو مبرراً، لكن هذا لا يغير من حقيقة أنها سلوكيات غير سوية، وإنها مخالفة للسلوك القويم سواء مارسناها أو أصابنا الأذى، وجوهر الأمر هو الإنسان ومضمونة، الأمر هنا ليس عناية بالبيئة، بل نظرة إلى قيمة النظافة أو احترام حق الآخرين أو الخجل من التسبب بالأذى للآخر إلى آخر منظومة قيم نحتاجها حتى في الممارسات اليومية.

رمي السجائر من السيارة أو أوراق المحارم، والمشروبات الغازية في الشوارع أو الأماكن العامة، وترك الحدائق في قمة القذارة بعد التنزه فيها والاستمتاع بها، ظاهرة نراها يوميا في مختلف الأماكن، سلوك يدل على أنانية مفرطة من قبل الفرد، ونقص حاد وخلل في التربية الأخلاقية والاجتماعية، وعدم تقدير الحياة والمجتمع، أو احترام الآخرين وحفظ حقهم في مجتمع نظيف وحياة راقية.

2- المشهد الثاني:

رمي الأثاث القديم وصناديق الأسماك أمام واجهة المنزل.

ظاهرة رمي مخلفات المنازل من الأثاث القديم وكذلك جمع صناديق السمك والروبيان «البانات» في الأماكن غير المخصصة لها، وأمام بوابة المنزل ما زالت منتشرة في الكثير من الأحياء السكنية، وتعد من المناظر غير اللائقة التي تقع عليها العين، حيث تجد هذه المخلفات ملقاة بصورة غير حضارية أمام واجهة المنزل وفي الشارع المواجه للكورنيش وهذا منظر يخالف الذوق العام وكذلك يعطي انطباعاً على قلة الوعي وبساطة الفهم لدى البعض!

3 - المشهد الثالث:

3- رمي أكياس النفايات خارج الحاوية ورمي الفضلات الرفق بالحيوان

هناك بعض التصرفات المتعنتة من بعض الأفراد في هذا الجانب، على الرغم من بساطة الفعل والمطلوب منه بوضع النفايات داخل الكيس، وإحكام إغلاق الكيس، ومن ثم وضع الكيس في الحاوية المخصصة،

من المناظر القذرة والتي انتشرت في الأحياء هي وضع أكياس القمامة بجانب الحاوية رغم أن الحاوية فارغة خاصة أن مشهد القمامة خارج الحاويات التي تتجمع عليها القطط والحشرات الضارة، بات يشوه المظهر الجمالي للأحياء.

إن رمي أكياس النفايات خارج الحاويات ظاهرة خطيرة، لكونها توفر بيئة خصبة تساعد على تكاثر الذباب والقطط التي تمزق تلك الأكياس وتخرج منها الفضلات والسوائل مما تصدر منها الروائح الكريهة وغيرها، وبات المنظر كل يوم وهو ما يثير القلق البيئي والصحي في الأحياء التي تفتقر للوعي الفردي لذى البعض من أفراد سكان الحي لأنها مسؤوليته وليس الأجهزة المختصة، فهي وضعت الحاويات ويبقى على المواطن تحمل هذا السلوك.

والبعض يجمع فضلات طعامه ويرميها حول الحاوية على الأرض، ظاهرة تتكاثر من البعض الرفق بالحيوان وحفظ النعمة.

ويتزايد التخوف فيما بعد من تحولها إلى بؤرة للأمراض والتلوث البيئي نتيجة التوسع في تلك الممارسات غير المنظمة، حيث إن إلقاء بقايا الطعام بهذه الشاكلة ينذر بنشر الروائح الكريهة والتلوث في الأحياء وأمام المنازل وهذه مناظر مقززة ومقرفة يجب النظر في هذه المشكلة، ونرجو البحث عن علاج لها.

4- المشهد الرابع:

نثر الحبوب وبقايا الطعام الإطعام الحمام ومختلف الطيور:

لا يدرك كثير من المواطنين والمقيمين الأخطار التي يحدثونها في بعض الإمكان، بنثر الحبوب وبقايا الطعام مثل الأرز وغيرها من الفضلات، في العديد من شوارع المحافظة وعلى الأرصفة وأمام مساجد العبادة، كطعام للطيور، خصوصا الحمام، بحثا عن الأجر، إلا أن تصرفهم ذلك يسهم في تدني مستوى الوضع الصحي والبيئي ويصدر الأمراض والروائح الكريهة والحشرات، فضلا عن التلوث البصري في تلك الإمكان، لا سيما أن تصرفهم ذلك ينفذ بعشوائية، ويضر أكثر ما ينفع. مما تتسبب في انزعاج المارين بالقرب من هذه الأرصفة والممرات، وتعذر استخدام بعض الساحات وممشى الكورنيش وغيرها المهيأة لممارسة الرياضات البدنية والمشي.

من جانب آخر فإن بقايا الطعام الملقى إلى الطيور يمكنه أن يؤدي لاحتمالية تلوث الغذاء، إما لكونه عبارة عن فضلات غذائية بالأصل، أو لبقاء هذا الطعام فترة طويلة وهو معرض للظروف الخارجية، بحيث يمكن أن يكون مصدرا لانتقال المرض من الطيور التي تعود ثانية لتقتات منه، ومن ثم انتقاله منها إلى الإنسان. وهذه الظاهرة خطرة على صحة الإنسان والبيئة.

وهنا يجب أن تكون كلمة لبلدية المحافظة

نوجه نداءنا للبلدية مشكورة على جهودها في مكافحة مثل هذه التصرفات ونشر ثقافة التوعية ومراقبتها بشدة للأحياء والأماكن العامة وردع المخالفين من مواطنين ومقيمين تجاه من يتسبب بمثل هذه التصرفات التي من شأنها تشويه المظهر العام والذي تسعى إليه في المحافظة على نظافة وجمال الأحياء وخلق بيئة صحية، والتسبب في بيئة طاردة للسكان وبعيدة عن مقومات البيئة الصحية النظيفة وتساعد على نشر الأوبئة وتشوه جمال المنطقة.

المشهد الأخير:

إن الثقافة البيئية هي ثقافة أخلاقية بالدرجة الأولى، تنمي في الإنسان حب النظافة والنظام والإنسانية والطبيعة بكل مكوناتها، على حد سواء، وذلك نظرا إلى ارتباط بعضها ببعض، والتي من خلالها يتحقق المناخ البيئي النظيف بين سكان كل المجتمعات عندما تكون هناك ثقافة لدى الفرد أولا قادرة على تهذيب نفسي وأدارك الوعي ونظافة السلوك الذاتي والعقلي والنفسي والإنساني له لكي يعيش المجتمع في أجواء من النظم البيئية النظيفة.