آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

تجربة الحب الهندية 1/ 3

كاظم الشبيب

التجربة الهندية للتعايش والحب بين الناس هي من أعمق التجارب التي نشطت في الواقع الحياتي للمجتمع الهندي وتفاعلت اجتماعياً رغم حجم الفسيفساء المتناقضة للتركيبة السكانية. لذلك من النادر أن تظهر فيها حالات للكراهية والعداوات. الكراهية ليست من طبائع المجتمع الهندي تجاه بعضه البعض. المسالمة طبيعة غالبة في الشخصية الهندية. لذلك نسبة العداوات تكون هي الحالات الشاذة، بينما التعايش هو القاعدة. هذا ما يجعل الصور والشواهد على التعايش الاجتماعي غالباً ما تطغى على صور التنابذ الشاذة.

تُعتبر الهند بلد التعددية العرقية والدينية واللغوية بامتياز، وهذا جزء من طبيعة القارة الهندية. فقد حافظت على هذا الطابع المميز والفريد منذ عصور قديمة حتى أيامنا هذه، دون أن تمس بنسيجها المتنوع ومجتمعها المتعدد، فسكانها بطبيعتهم يتوزعون في انتماءاتهم العرقية بين الآريين واليونانيين والمغول والشعوب المنحدرة من وسط آسيا، بالإضافة إلى من يعودون بأصولهم إلى العرب والترك والأفغان وغيرهم، هذا التنوع العرقي ينعكس بوضوح على ملامح الهنود وسمتهم، فسكان كشمير مثلاً يميلون إلى اللون الفاتح والملامح الدقيقة فيما تنعدم هذه الصفات مثلاً في سكان ولاية ”تاميل نادو“ و”كيرلا“ بجنوب الهند.

 بالإضافة لكل ذلك، هناك التعدد اللغوي، إذ معروف أن الهند تزخر بعدد كبير من الألسن واللغات يتجاوز 400 لغة منطوقة، كما أن المشهد الديني حافل هو الآخر بالتعدد والاختلاف، بحيث تضم الهند جميع الديانات الكبرى المتواجدة في العالم مثل الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية والسيخية وقبائل تعتنق المذاهب الإحيائية التي تؤمن بوجود أنفس أو آلهة قوية، وبأن كل ما هو موجود في الطبيعة مصدره النفس أو الآلهة، فكل الديانات تجد لها جميعاً موطئ قدم ومساحة للتعايش والازدهار بفضل الحرية الدينية المكفولة لجميع شرائح المجتمع.

فيعيش الهنود من جميع الديانات بتعايش رائع حيث حرص الآباء المؤسسون للهند المعاصرة من أمثال غاندي ونهرو وآخرين على الالتزام بقيم التعايش الديني وتكريسها في الدستور بعد سنوات وعقود من الصراعات انتهت بتضمين مبادئ الليبرالية العلمانية في الوثيقة الأساسية والتنصيص عليها بعبارات صريحة وواضحة تقطع الطريق على التعصب والإقصاء بنظام يسمح بالتعددية الدينية والثقافية دون تفضيل معتقد على آخر. فقد نصت الفقرة 295 من الدستور الهندي على أن كل من يحاول بسوء نية وبقصد مبيت المس بالمشاعر الدينية لفئة من المواطنين سواء بالكلمة المكتوبة، أو المنطوقة، أو باستخدام علامات معينة، أو سب [1] .

في المقطع المرفق لفتة إيجابية عن التجربة الهندية بعنوان ”التعايش عند المسلمين والهنود“:


[1] مقال بعنوان ”الهند: التعايش السلمي بين الأديان“ للكاتب د. ذِكْرُ الرحمن بتاريخ 5/10/2012 صحيفة الاتحاد الإماراتية: www.aletihad.ae, بتصرف.