احذروا آفة اللهو
كان ينصح ولده البالغ من العمر 10 سنوات بضرورة التوقف عن اللعب بالجوال فقد حان وقت الصلاة، وكان الجواب حاضراً بعد هذه المرحلة من اللعبة، فلم يتبق سوى خطوة للفوز.. وينقضي الوقت دون أن يبادر للصلاة..
هذا نموذج من اللهو السلبي الذي يسرق وقت الإنسان دون أي فائدة، وهذا لهو يبعد الإنسان عن طاعة الله.
من هنا نقول إن اللهو هو ما يمارسه الإنسان من لعب بمختلف أشكاله ويبعده عن طاعة الله، وهو كل جهد يبذله الإنسان دون أي فائدة ترتجى منه.
وقد وردت مادة «لهو» في القرآن الكريم في عدة آيات، أذكر ما يناسب هذا المقال:
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان: آية 6]
قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: آية 11]
يمكن للقارئ الكريم مراجعة التفاسير للتعرف على معاني «اللهو».
هناك عدة أسباب نوجز بعضها بما يلي:
التربية الخاطئة: الوالدان هما أساس توجيه طاقات الأبناء. وحين تكون التربية قائمة على توفير مستلزمات اللعب فإن الطفل لن يجد أمامه سوى لعب ولعب فقط. ومن ثم سيكون جل وقته ينتقل من لعبة إلكترونية إلى لعبة ملموسة!
إن غياب أسس التربية السليمة ستجعل من الحياة اليومية مليئة باللهو واللعب الفارغ.
الفراغ الروحي: حينما يكون القلب فارغاً، وبعيداً عن الله فإنه يكون مرتعاً للشيطان يدفعه للهو واللعب والخوض في الباطل والمفاسد.
الجهل: هو أحد أسباب اللهو والعبث، فالجاهل هو الذي لا يعي الحياة ومتطلباتها، والجاهل هو الذي لا يمتلك أهدافاً وطموحات في الحياة، فتراه يلهو دون تفكير في المستقبل. وكما قال أمير المؤمنين : ”اللهو ثمار الجهل“ [1] .
لا شك أن هذا العمل لها انعكاساته على شخصية الإنسان، والتي منها:
ضعف الإيمان: من ينغمس في اللهو واللعب فإنه يضعف إيمانه كما قال الإمام علي : اللهو يسخط الرحمن، ويرضي الشيطان، وينسي القرآن. وقال: ”مجالس اللهو تفسد الإيمان“ [2] .
الفشل في الحياة: لن تجد ناجحاً اتسمت حياته باللهو واللعب، ولذلك ورد عن الإمام علي : أبعد الناس من النجاح المستهتر باللهو والمزاح [3] . وعنه : اللهو يفسد عزائم الجد [4] .
ضعف التفكير وإبداء الرأي: حيث يقول الإمام علي : من كثر لهوه قل عقله [5] .
ولهذا يمكن القول أن اللهو هو هدر للطاقة وقتل للكفاءة والإبداع، وهو طريق نهايته الندم والحسرة.
يمكن لنا أن ننشئ جيلاً صالحاً حين نرسخ في عقله مبدأ الجد والمثابرة فهذه إحدى صفات المؤمن حيث أنه ”يعاف اللهو، ويألف الجد“ [6] كما قال الإمام علي . والبعد عن أجواء اللهو السلبي، كما ورد عن الإمام علي : لا تغرنك العاجلة بزور الملاهي، فإن اللهو ينقطع ويلزمك ما اكتسبت من المآثم [7] .
وضرورة تنظيم الوقت وعدم الفراغ السلبي حيث يقول الإمام علي - في صفة المؤمن -: مشغول وقته [8] .
المستقبل والنجاح هو حليف من كانت مسيرته حافلة بالجد والمثابرة، بعيدة عن اللهو واللعب والعبث. وكلما نشرنا ثقافة الجد والمثابرة بين أبنائنا فإننا نضمن مستقبلاً أفضل.