آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

الرياضة والأهازيج والشعارات الدينية!

حسن المصطفى * صحيفة البلاد البحرينية

الرياضة، وتحديداً كرة القدم، لها جماهيريتها في دول الخليج العربي، حيث يسعى أنصار كل فريق إلى مؤازرة ناديهم بكلِ ما لديهم من قوة، ومن خلال روابط المشجعين التي تواكب اللاعبين في اللقاءات المختلفة، وتتنقل معهم من مدينة إلى أخرى، مرددة الأهازيج الخاصة التي تلهب حماس المدرجات. تنطوي كرة القدم على كثير من المعاني العميقة: القوة، التفوق، عنفوان الذات الذي يدفعها إلى هزيمة الخصم، وأيضاً مقدارٌ كبير من الانحياز لـ ”الأنا“، ما يدفع اللاعبين والمشجعين إلى النظر تجاه الفريق المنافس بوصفه ”خصماً“ لا مجرد فريق كرة قدم! هذه الروح المتقدة ليست حكراً على جماهير الأندية في الخليج العربي وحسب، بل في جميع دول العالم، ويجدها المتابع بشكلٍ واضح ومنظم لدى الجماهير في الدوريات الإنجليزية والإيطالية والإسبانية، حيث المنافسة تخرج عن إطار الرياضة، لتنزاح إلى مساحاتٍ أخرى عرقية وعنصرية وأحياناً نزعات انفصالية - سياسية. هذا الاختلاط بين الرياضة والشعارات العنصرية والانفصالية دفع اتحادات كرة القدم في تلك الدول إلى وضع قوانين واضحة وغرامات باهظة، تحدُ من تجاوزات الجمهور أو اللاعبين، وتسعى لأن تكون ملاعب كرة القدم مساحات للتنافس النظيف البعيد عن التعصب والكراهية، لذا جاءت بعض القوانين صارمة في عقوباتها، سواء قيمة الغرامات المالية أو مدة إيقاف بعض اللاعبين، ومنع بعض المشجعين، أو حرمان الأندية من اللعب مع جمهورها لعدد من المباريات.

خليجياً، من المهم الفصل بين الرياضة والمواقف العنصرية والمذهبية، وعدم اتخاذ مواقف من بعض الأندية أو اللاعبين أو الشخصيات كونهم ينتمون إلى مدينة أو قبيلة أو طائفة محددة، لأنهم في النهاية مدربون أو فنيون أو رياضيون قدموا من أجل رفع مستوى الأداء والفرجة. من المهم أيضاً أن يكون الفضاء الرياضي مدنياً، بعيداً عن استحضار الشعارات الدينية والأهازيج ذات الطابع المذهبي الخاص، والتي قد تكون مقبولة في دور العبادة، إلا أنه من غير المناسب نهائياً رفعها في ملاعب كرة القدم.

كل ثقافة لها هويتها التي علينا احترامها، وعدم النظر تجاهها باحتقار، إلا أن تلك الثقافات هي الأخرى لها فضاءاتها الخاصة، فما يتم ترديده من أهازيج في الملاعب الرياضية يختلف عما يقال في حفلات الزواج أو جلسات الأصدقاء أو المناسبات الدينية. وكما قال الأقدمون: لكلِ مقامٍ مقال.