رفقاً بالرجل!
لاحظت خلال عملي ومواجهتي للمرضى، أنه حين بلوغ النساء سن الإياس، قد تعاني بعضهن من مشاكل صحية مصاحبة عادةً لهذه المرحلة، قد تحتاج فيها إلى علاجات من ضمنها أدوية مختلفة بعضها هرمونية ونفسية لعلاج المشكلة والأعراض المصاحبة لها. جميع المحيطين بالمريضة «بمن فيها المريضة نفسها» يعتبر هذه المشكلة التي تمر بها مشكلة صحية بحتة، وكرامتها محفوظة وكيانها مستقر ومصان، وتحوز على التعاطف، وتلقى شتى صنوف الدعم والرعاية من الجميع، وهذا من حقها بطبيعة الحال.
لكن من الجهة المقابلة، لو تعرض الرجل لمشكلة صحية مشابهة، وعانى مثلاً من نقص في هرمون الذكورة التيستوستيرون حتى لو كان في عمر متقدم، وأثر ذلك على صحته النفسية والجسدية، سينقلب المشهد رأساً على عقب، وسيشعر صاحب المشكلة نفسه، أن رجولته قد نقصت وأركان كيانه قد انهدّت وكرامته انتهكت وفحولته خبت، والأدهى لو احتاج إلى أدوية نفسية، حينها قد يخاف من الشعور بالوصمة والنقص من الآخرين، وربما يعمد إلى إخفاء مشكلته حتى عن أقرب الناس إليه، ولن يسعى لطلب العلاج، ولو ذهب إلى الطبيب ربما يرفض العلاج للأسف.
أتساءل لماذا هذا التفاوت الصارخ بين المرأة والرجل في مشكلة صحية عارضة، وقد تكون طبيعية نتيجة التقدم في السن؟
أوليس العارض الصحي والمرض يصيب الذكر والأنثى على حد سواء؟
هل السبب في هذا التفاوت يرجع إلى الثقافة المجتمعية الظالمة والراسخة في معظم المجتمعات، التي زرعت في نفس الرجل أنه القوي والذكر، الذي يجب ألا يبدو ضعيفاً، وأن يتحمل أي أذى أو ألم بصمت دون شكوى، حتى في حال كبر السن والمرض؟
ولنا في دعاء نبي الله زكريا واعترافه بضعفه وشيبته وحاجته للطف الله ورحمته سبحانه أسوة حسنة ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾·
ينبغي للرجل كبير السن في حال مرضه ألا يشعر بالخجل في أن يصرح بضعفه ومرضه وحاجته للعلاج الدوائي وغيره من العلاجات، والتأكيد على حقه في الحصول على الدعم النفسي، والتفهم لحالته ومراعاة حساسية مشاعره التي قد تكون في حالة سيئة نتيجة الضعف والمرض.