آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

ماذا يعني ”الصالح العام“ في الواقع؟ أرضية مشتركة بين مختلف الفرقاء

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم ميليسا، جامعة RMIT، وآخرون

22 يناير 2024

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 24 لسنة 2024

What does the“common good”actually mean? Our research found common ground across the political divide

Melissa A. Wheeler Senior Lecturer، Graduate School of Business and Law، RMIT University

January 22,2024

بعض المواضيع يصعب تعريفها. ولا تزال ضبابية. معانيها مواربة. المواضيع المتعلقة بالأخلاق تناسب هذا الوصف. وكذلك الحال بالنسبة لتلك المواضيع الشخصية subjective [التي تعتمد على الآراء والمشاعر الشخصية]، التي تختلف معانيها باختلاف الأشخاص والسياقات.

في دراستنا المنشورة مؤخرًا [1] ، استهدفنا المفهوم الضبابي لـ ”الصالح العام“.

كالقضايا الأخلاقية التي تثير حججًا قوية قد تكون مؤيدة لها أو معارضة، يمكن أن تختلف تصورات الصالح العام وفقًا للاحتياجات المختلفة لكل شخص والقيم المختلفة التي يحملها. أحد العوامل التي ينقسم عليها الناس [2]  هو الاستقطاب السياسي [3] . آراء من هم في أقصى اليسار تختلف تمامًا عمن هم في أقصى اليمين حول القضايا الأخلاقية والاجتماعية.

كيف يمكننا أن نتوقع من الذين تختلف توجهاتهم على الطيف السياسي [3]  أن يتفقوا على موضوع أخلاقي عندما تكون لديهم وجهات نظر مختلفة؟

وإذا وضعنا القضايا الأخلاقية المعينة جانباً وركزنا على الجوانب الأوسع لفهوم الصالح العام [4] ، فقد نجد مبادئ أساسية  أفكارًا مشتركة بين الناس، أفكارًا ربما تكون حتى كونية.

نظرية علم النفس الشعبي

وللعثور على مثل هذه القواسم المشتركة الأساسية، استخدمنا مقاربة نظرية علم النفس الشعبي [5] . نظرية علم النفس الشعبي هي معتقدات وقناعات غير أكاديمية أو شخصية تشكل فهم الناس العامي والشخصي لعالمهم.

مفهوم الصالح العام يزحف «يتوسع في المعنى» إلى تصورات ثقافية ووجهات نظر كونية [6] . تؤثر في مدى تداول مثل هذه الأفكار في طريقة تفكيرنا وما نتحدث عنه مع الآخرين. بمطالبتهم المشاركين بالكتابة عن مفاهيم مواربة أو تعريفها، بإمكان باحثو علم النفس الاجتماعي البحث عن الكلمات والعبارات التي كثيرًا ما يُعرب عنها واستخلاص فهم ثقافي مشترك من مجموعة نصوص فردية.

لقد طلبنا من 14303 أشخاص شاركوا في دراسة كبيرة لمؤشر القيادة الأسترالي [7]  تقديم تعريف للصالح العام، والذي يُطلق عليه أحيانًا الخير الأعظم أو الخير العام.

وكانت العينة ممثلة على المستوى الوطني، مما يعني أنها تعكس التركيبة السكانية للسكان الأستراليين في وقت جمع البيانات. ثم استخدمنا برنامج التحليل اللغوي، الذي يسمى برنامج التحريات اللغوية وعدد الكلمات، لتحليل إجابات المشاركين.

للبرنامج وظيفة جديدة تسمى طريقة استخلاص المعنى [8] ، والتي تقوم بمعالجة متون كبيرة من النصوص للتعرف على المفاهيم السائدة وذلك بتحليل الكلمات المتواترة والقريبة من بعضها بعض في المعنى.

وباستخدام هذه الطريقة، استكشفنا التعريفات التي يستخدمها الأستراليون لمفهوم الصالح العام. ومن تكتلات هذه الكلمات المستخلصة من هذا التحليل، حددنا تسعة محاور رئيسة:

  • القرارات والإجراءات التي تفيد أغلبية السكان
  • ما هو في مصلحة عامة الناس
  • ما يخدم عموم السكان لا المصالح الفردية
  • ما يخدم مصالح الأغلبية وليس الأقلية
  • ما يخدم المصالح الجماعية وليس الفردية
  • ما يخدم مصالح المواطنين
  • الاهتمام وفعل الأشياء المناسبة لجميع الناس
  • المبادئ الأخلاقية [9]  اللازمة لتحقيق الصالح العام

ومن المثير للاهتمام أن هذه المواضيع العامة لم تختلف في معظمها بين المشاركين من ذوي الميول اليمينية وبين ذوي الميول اليسارية، مما يعني أنها كانت مشتركة بين الليبراليين والمحافظين على حد سواء. بالنتيجة، هناك بالفعل أرضية مشتركة في فهم الناس للصالح العام.

تعريف عملي للصالح العام

وبالتالي تعكس هذه المحاور التسعة بنية تصورية [10]  أعمق. ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة جوانب أساسية لمفهوم الصالح العام. وتتعلق هذه بالمخرجات والمبادئ وأصحاب المصلحة.

الجانب الأول يصف الأهداف والمخرجات التي لها علاقة بمفهوم الصالح العام - على سبيل المثال، القرارات والإجراءات التي يُنظر إليها على أنها تخدم المصالح العليا لمعظم الناس.

ويشير الجانب الثاني إلى المبادئ المتعلقة بمفهوم الصالح العام والعمليات والممارسات التي من خلالها يتم تحقيق الصالح العام.

ويتعلق الجانب الأخير بأصحاب المصلحة الذين يشكلون المجتمع أو المجتمعات الجديرة بالصالح العام ويحق لها الحصول على فوائده.

ومن هنا توصلنا إلى تعريف عملي للصالح العام:

الصالح العام هو تحقيق أفضل النتائج الممكنة لأكبر عدد من الناس، والتي تدعمها عملية اتخاذ القرار السليم من الناحية الأخلاقية على الصعيد الفردي والمعايير الاخلاقية على الصعيد المجتمعي والتي تختلف باختلاف السياق الذي يتم فيه اتخاذ القرارات.

في التعريف أعلاه، سوف تكتشف المحاور التسعة، بالإضافة إلى المحاور الثلاثة الأوسع نطاقًا.

على الرغم من أننا تعرفنا على فهم مشترك للصالح العام، فمن المهم الإقرار بأن الناس قد يستخدمون ”الصورة الكبيرة «المعنى العام»“ للصالح العام، لكنهم يختلفون عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاجتماعية والأخلاقية التي يحددون أولوياتها والطرق العملية التي يعتقدون أنها ضرورية لتحقيق الصالح العام.

على سبيل المثال، تفيد الدراسات الحديثة [11]  بأن الناس يهتمون بشكل بالغ بالعدالة الاجتماعية، ولكن المجتمع منقسم حول مدى رؤيتهم للمخاوف المتعلقة بعدم المساواة.

من ناحية، هناك منظور النظام العام [12] ، الذي يركز على العمليات أو كيف يمكن تحقيق العدالة. على الجانب الآخر، تهتم الرؤية الكونية [6]  للعدالة الاجتماعية [13]  بالنتائج، وعليه كيف تبدو العدالة. كلا الجانبين «اليميني واليساري» يأنفان من عدم المساواة المجتمعية [14] ، لكنهما لا يتفقان في كثير من الأحيان بشأن تسمية أو حل مشكلة عدم المساواة المجتمعية.

إذا كان الجانبان اليميني واليساري على استعداد للبدء بإيجاد أرضية مشتركة بينهما، بتوظيف تعريفنا العملي لاستكشاف مجالات الإلتقاء بينهما أولاً، فإن الانتقال إلى مناقشة مجالات الإفتراق بينهما مع الانفتاح على التعلم من نقاط القوة لدى كل منهما قد يصبح ممكناً. ويمكن تفكيك الاختلافات المستعصية ومعالجتها بشكل ممنهج. وبطبيعة الحال، يتطلب هذا الاستعداد من الجانبين خفض مستوى معارضتهم والبدء في الإصغاء لبعضهما.

سيواجه قادة المجتمع تحديات عندما يتَّحدون «يجتمعون» لتعزيز وتطوير الصالح العام. يجلب القادة من مختلف الصناعات خلفيات وتخصصات علمية وأولويات مختلفة معهم إلى الطاولة. ومن أجل تحقيق التكامل بين جهودهم، يصبح من الضروري تنحية الفهم السياقي «والذي غالباً ما يكون متحيزاً أو حزبياً» جانباً من أجل الصالح العام للتركيز على ”الصورة الكبيرة“.

المؤلفون:

بقلم ميليسا أ. ويلر أستاذ مشارك، كلية الدراسات العليا في إدارة الأعمال والقانون، جامعة RMIT

نعومي بايس، باحثة مساعدة في زحف «توسع» المفهوم - كلية ملبورن للعلوم النفسية، جامعة ملبورن

صامويل ويلسون، أستاذ مشارك في القيادة، جامعة سوينبيرن للتكنولوجيا

فلاد ديمسار، استاذ مساعد، التسويق، جامعة سوينبورن للتكنولوجيا

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://bpspsychub.onlinelibrary.wiley.com/doi/10,1111/bjso.12713

[2]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/19379034/

[3]  https://ar.wikipedia.org/wiki/طيف_سياسي

[4]  https://ar.wikipedia.org/wiki/صالح_عام

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_النفس_الشعبي

[6]  https://ar.wikipedia.org/wiki/رؤية_كونية

[7]  https://australianleadershipindex.org/

[8]  https://www.researchgate.net/publication/358725479_The_Development_and_Psychometric_Properties_of_LIWC-22?channel

[9]  https://ar.wikipedia.org/wiki/أخلاق

[10]  ”البنية التصورية conceptional structure وهي المستوى الذي تُفهم فيه الأقوال اللغوية في سياقاتها الذريعية والموسوعية [اللغة المنطوقة ولغة الجسد]، وتتبلور عمليات التفكير والتخطيط، وتتصل التصورات بالإدراك والعمل. من الافتراضات الأساسية، في النظرية الدلالية النفسية، أن البنية التصورية تنتمي إلى مستعمل اللغة الفرد؛ أي أن معاني الكلمات توجد في أذهان الأفراد.“ مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://www.philadelphia.edu.jo/arts/14th/papers/day_1/session_2/mohammad_ghaleem.doc

[11] https://www.wiley.com/en-au/Why+We+Disagree+about+Inequality%3A+Social+Justice+vs+Social+Order-p-9781509557134

[12]  https://ar.wikipedia.org/wiki/النظام_العام

[13]  https://ar.wikipedia.org/wiki/عدالة_اجتماعية

[14]  https://ar.wikipedia.org/wiki/تفاوت_اجتماعي

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/what-does-the-common-good-actually-mean-our-research-found-common-ground-across-the-political-divide-220843