الإطراء المحمود والنفاق
تارة يُمدح الفعل بمعزل عن فاعلة وتارة يُمدح الشخص؛ لأنه قام بالعمل المحمود أو المطلوب وتارة يُمدح الشخص بغض النظر عن أفعاله وخصاله، وإنما يُمدح على كل الأحوال والأوقات، وحتى يعطي تبريرات ساذجة من قبل صاحب الإطراء تقربا لمن يمدحه. فما هو تصنيف المادح حينذاك؟!
البعض يرى أن المدح إذا كان للفعل المحمود وبمعزل عن الفاعل، أمر موضوعي ومنصف.
والبعض يرى أن المدح إذا كان للشخص لفعله المحمود أو المطلوب قد يهدف إلى التشجيع والتعزيز للسلوك الطيب مع مراعاة مشاعر الآخرين وتحفيز الآخرين الاحتذاء بالفعل الذي تم صنعه.
البعض يرى أن المدح إذا كان للشخص بمعزل عن العمل المحمود وبمعزل عن الموضوعية، أمر ملامس للنفاق، بل إنه تطبيل.
في الأثر النبوي الشريف، يؤكد بأن المنافق له علاماته ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف و…. الحديث.
في العالم الافتراضي «تطبيقات السوشل ميديا» أخذ النفاق وكذلك الخداع يتشكل بصور متنوعة ومتلونة. ولعل أحد مصاديق النفاق التي يتم معاينتها في بعض القروبات الافتراضية هو أن يتم الإطراء لشخص ما دون شخص آخر مع أن صدور نفس الفعل قد تم من كلا الشخصين ولنفس الغاية والدافع والنية والنشاط في ذات القروب / الديوانية الافتراضية. فالمادح يكون هنا مُفضل لشخص «ا» على شخص «ب» أو منافق أو مزدوج المعايير أو انحيازي التفضيل أو مذبذب الأفعال، أو يتفوه نكاية بالآخر أو عاطفي متقلب المزاج. إلا أنه بالمحصلة تصدق به مصاديق النفاق، ولو بدرجة متفاوتة «شديد / بسيط / مذبذب / متمرس / ساذج» وهذا أمر سام ومدمر اجتماعيا.
فعلى سبيل المثال قد ترى قول أحدهم لآخر ”أكرمك الله، وزادك الله من الخير وبيت عامر بالخير“ ويصور ويرسل صور توثيق الحدث؛ لأنه استضاف مجموعة ما في بيته أو مزرعته أو مكتبه أو منتجع ما أو …. وإن صدر ذات الفعل من شخص آخر في ذات المجموعة / الحي / الحمولة / الشركة، وكان الشخص الذي تحدث بالسابق من ضمنهم، فتراه لا يعير الحدث أي اهتمام. لا بل ويسعى لطمس معالم الحدث بأسرع ما يمكن ويتجنب أي توثيق له، ويخفي معالم أي نجاح للمناسبة. ذات السلوك في التفاعل مع المشاركات الاجتماعية والمبادرات والمناقشات الفاعلة القيمة.
هنا قد يتوقف المتأمل والراصد المتبصر لسلوك من هم حوله للمراجعة الشاملة في استقراء العلاقات البينية من خلال العالم الواقعي والافتراضي ليتأكد من الأرضية المشتركة التي يقف عليها مع فلان وعلان. فكم وكم من الجهود والأوقات والمال والأفكار والاستضافات أمكن بذلها وإعادة استثمارها مع من يليق ويجدر بالإنسان أن يوظفها بالمكان والزمان والمجموعة الأكثر موضوعية.
كل مجتمع إنساني راق لا يخلو من جواهر مبهجة للنفوس وسلوكيات محفزة للانتماء. كما أن كل مجتمع عادي لا يخلو من أفراد رخيصة الاحترام لذاتها ومنعدمة الموضوعية، ويسعون لاختطاف الجهود وتجييرها ويفرغون المحتوى الشهم ويفسد العطاء. وعليه من الفطنة التمحيص قبل الإدراج للشخص أو الانخراط مع مجموعة أو الاستمرار في مقر عمل ما. لأن التكلفة المادية والنفسية والروحية فترة التمحيص تكاد ألا تذكر إذا ما قورنت بالفترات اللاحقة. نعم، الجميع بحاجة لدعم ورفع الروح المعنوية، ولكن بموضوعية وبعيدا عن النفاق وبعيدا عن الازدواجية.