شاركوهم الأحداث ولا تشاركوهم!
يحتار الشخص ولا سيما المربي كأب أو أم في ردود فعل الأبناء والأحبة والزملاء عندما يشاركهم التنبيه عن أحداث سيئة وقعت والتحذير من جرائم حدثت أو التأكيد على توخي الحذر في تفادي ترك ممتلكات ثمينة في المنزل والسيارة. فتارة يقول الأب في داخل نفسه، قد يفسر الأبناء الأمر أن الأب شديد الخوف على أبنائه أو كثير النصح أو مفرط الحساسية للأحداث وردود الأفعال. وتارة يلوم المربي/ الأب / الأم نفسه بأنه لم ينبه أبناءه بالقدر الكاف إن وقعوا ضحية للأشرار؛ وحينذاك كلمة ”يا ليت“ لا تنفع. وهنا يترنح سؤال جوهري مع تنوع مصادر المعلومة وتطاير الأخبار بسرعة البرق في السوشل ميديا: أخبروا ولا تخبروا الأولاد بما يدور حولهم؟! انقلوا ولا تنقلوا مقاطع الفيديو لبعض الأحداث والتنبيهية لهم؟!
في لقطة لمرة ابن ربيعة من مسلسل الزير سالم، سرق أحد أبنائه خيل لشخص ما من قبيلة أخرى بعد أن احتمى بهم، وبعد أن علم الأب بذلك قال لجلسائه: ”لا تخبروا أحدا عن هذه القصة، حتى يظل بين العرب من يجير المظلوم والخائف“.
فعلا كثرة تداول القصص السلبية والتركيز عليها بشكل مفرط من دون تنقيح ما يمكن حدوثه في محيط الإنسان بانتقاء فقط وفقط ما يجب أن يتم التحذير منه. وكذلك مشاركة وإدراج القصص الإيجابية، التي تحمل معاني الشجاعة والمروءة والشهامة والنخوة، وما أكثرها بحمد الله في مجتمعنا، وفي المجتمعات الإنسانية المهذبة. فإن كثرة السلبية والأخبار السيئة قد يُميت الفضيلة، ويزرع اليأس والإحباط والنفور، ويقتل المعروف بين المستمعين والمشاهدين والقراء.
إذن ماذا يصنع المربي في ظل تمدد انتشار جرائم ترويج المخدرات وتناثر فصص النصابين وتزايد عدد جرائم المجرمين وانتشار الحروب من المعتدين على الضعفاء المساكين وتكاثر قصص السرقات الإلكترونية؟
التعليق: عزيزي المربي/ الأب/ القارئ / المعلم / الصديق ما زلت أنت صمام الأمان والفلتر الثاني بعد عقل المتلقي، وزارع القيم لأفراد أسرتك وأحبائك. والمجتمع يزدهر عن طريق تفاعلك مع المحتوى الإيجابي والتنفير من المحتوى السلبي. إجادة تكريس الخبر والمحتوى الإيجابي يزرع الثقة والأمل والحب والمودة والوفاء بين الناس. في المقابل توظيف ما يمكن توظيفه من المقالات واللقطات وبعض الرسائل ومقاطع الفيديو لأحداث سلبية مثل: السطو والسرقات للسيارات والتهكير الإلكتروني والمخدرات وأحداث قطاع الطرق والقبض على مروجي الرذيلة كمادة تعليمية وإرفاق تعليقات لتحذير حديثي السن وقليلي الخبرة من الشباب المراهق والتنبيه عن مكر الشياطين من أصحاب الجرائم أمر أساس في تجنيب الشباب الوقوع كضحايا لأولئك الفاسدين. تحذيرات وحملات الجهات الرسمية ضد المخدرات والغش التجاري والتستر والفساد أيضا منصة جميلة للفت انتباه الشباب عن مصير أصحاب السوء.
أعزائي أبناء الألفية الحالية، حبيبنا المصطفى ﷺ ”يقول خيركم خيركم لأهله“. تذكر أن الأب الناصح وآلام العطوفة والجد المحب والجدة الحنونة، يخافون عليكم من هبة الهواء ونسمات الشتاء ولهيب الصيف. فكيف لا والعالم مليء بأحداث أكبر من مخيلتكم. الأهل الحنونون والأخ الصادق والصديق الوفي والعشيرة المتعاضدة وأبناء الحي الأحياء والوطن الوادع بلسم الحياة لك، وهم السند والعزوة وقت الشدة. وعند حاجتك لغيرهم في الغربة، يصبح الشخص شبه مُعدم ومقطوع وعرضة للنهب والسلب والابتزاز والتنمر إلا ما رحم ربي.
الأهل والأحبة والوطن هم الملجأ الأخير للإنسان بعد الله سبحانه. ففهم الحياة الواقعية أكبر من مشاهدة مقاطع مضحكة في التيك توك وأكبر من مسلسل دراما في التلفاز أو مشاهدة Real TV أو الإصغاء لبودكاست. يحتاج كل منا أن يكون منظارنا له رؤية شاملة «360 درجة» لكل ما يدور حوله. وللوالدين، لطفا لا تصنعا صورة نمطية تشوه صورة الواقع في ذهن الشباب ونصور لهم أن الدنيا حديقة غناء مليئة بالورود أو فوهة بركان مليء بالحمم. فإن من يعيش صورة الحديقة ينصدم، ومن يعيش صورة البركان يتصادم مع من حوله. ولهتذكر وننبه كآباء وأمهات أبنائنا وأبناء مجتمعنا أن بني آدم يضم بين جنباته منبعًا للشر ومنبعًا للخير. ونوجه الأبناء لحسن الاختيار وللاتصاق بأهل الخير، وننبذ أهل الدسائس والمكائد والمنافقين والدجالين في العالم الواقعي والافتراضي.