آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 8:21 م

ثانوية النسيم ومدرسة المشاغبين

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

تذمر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المسلسل السعودي «ثانوية النسيم» والذي يعرض على قناة mbc ومنصة شاهد، كونه - في نظرهم - يبث رسائل سلبية عن العلاقة بين المعلم والطالب، حيث يذكر أحد وكلاء المدارس في منصة «إكس»: «أنا وكيل مدرسة ولاحظت الطلاب تفرعنوا وقلوا أدبهم على المعلمين هالأسبوع سويت تعهدات أكثر من اللي سويته سنة كاملة». ونجد آخرين يطالبون بوقف عرض المسلسل مستندين في ذلك بتشبيهه بمسرحية «مدرسة المشاغبين» ويقول أحدهم: «مسلسل ثانوية النسيم هو مدرسة المشاغبين بقالب جديد يفرعن الطلاب ويهدم العلاقة المجتمعية، ويربك العملية التعليمية وكأنه مقصود لنفس الأهداف التي جُعلت لمدرسة المشاغبين لذلك يجب إيقافه إن كان هناك غيرة على إصلاح التعليم وبناء جيل ينهض بالمجتمع». في نظري أن مسرحية «مدرسة المشاغبين» ساعدت في إصلاح التعليم بمصر وليس العكس. نعم المسرحية التي عرضت عام 1973 أحدثت هزة للتعليم في مصر، وبدأ التربويون والأكاديميون في كتابة البحوث وتسطير المقالات في محاولة إيقاف المسرحية لما تضمنته من رسائل تربوية سيئة تروجها المسرحية، وقد هزت صورة المعلم والتربوي في مصر. وهذا يكشف في نظري مدى ضعف وهشاشة التعليم آنذاك، مع العلم أن مصر في تلك الأيام كانت قد مارست دورها التعليمي الحديث منذ ما يقارب المئتي سنة من عرضها المسرحية، فكيف استطاعت مسرحية واحدة أن تقلبهم رأسا على عقب؟

في منظوري كان من الأصلح أن ينبري النقاد لطرح رؤية عن حال التعليم، وليس انتقاد المسرحية ومحاولة إيقافها. فهذه عادتنا دائمًا نحب القفز على عيوبنا وأخطائنا ونلقيها على الآخرين. ورغم أن المسرحية ما زالت تذاع حتى اليوم فإننا لا نمل مشاهدتها رغم أننا شاهدناها مئات المرات.

تعالوا معي لمثال آخر، وهو مسلسل أمريكي عرض لمدة أربع سنوات «من عام 1975 حتى 1979» في كل محطات التلفزة الأمريكية، وهو مسلسل كوميدي ساخر يتحدث عن العلاقة السيئة بين المعلم والطالب في مدرسة ثانوية. الأمريكان «لم يطيروا في العجة» ليوجهوا انتقاداتهم للمسلسل، بل على العكس، تابعوه بكل حب وحماس واستمتاع، ولم يتذمر منه لا أم ولا أب ولا معلم ولا أستاذ جامعي. ثم لماذا لا ننتظر مسلسل «ثانوية النسيم» إلى نهايته حتى نستطيع على الأقل قراءته جيدًا وكاملًا!؟ لا حظوا معي أن كل من هاجم مسرحية «مدرسة المشاغبين» لم يكملوا المتابعة حتى الفصل الأخير والذي تحول فيه أبطال المسرحية إلى طلاب مؤدبين ومحترمين، في رسالة مضمونها أن معلمتهم الجديدة أصلحتهم وأثرت فيهم بنهاية المطاف. وهذه رسائل جيدة لا يظهرها النقاد، لماذا؟ لأننا أهملنا الفصل الأخير كونه يتسم بطابع الجدية، فنحن نضحك على الجزء الذي نتهم المسرحية من خلاله. وكذا الحال مع مسلسل «ثانوية النسيم» والذي يظهر أن المعلم المكافح والمؤمن برسالته، سيكون بمقدوره إصلاح الطلاب وتغييرهم إلى الأفضل، وستكون له بصمته الكبيرة حتى على أحلامهم ومستقبلهم.