القضية أكبر من صكوك ”صح“
تطرح اليوم صكوك حكومية ادخارية «صح». صكوك صح تجلب معها مزايا متفردة مقارنة ببقية المنتجات:
1. تشجع الأفراد على الادخار كونها آمنة - الأمان بالله سبحانه - وعالية العائد.
2. تدعم تنمية الاقتصاد الوطني كون أموالها ستستخدمها الحكومة في تنمية الوطن.
3. تمكن من ممارسة التخطيط المالي من قبل الأفراد نتيجة توفر منتج مضمون ومطروح من قبل الخزانة لمواطنيها.
قد لا يملك أحدٌ المال رغم أنه يرغب الاستثمار في هذه الصكوك، لكن في كل شهر ستأتي فرصة جديدة للاكتتاب. وقد يكون هناك من يملك المال لكنه لن يكتتب هذا الشهر، وأمامه كذلك فرصة في الإصدارات القادمة ليراجع حساباته. لكن ماذا يعني“صك ادخاري”؟ عندما نقول ادخاري، يعني: تشتري الصك وتنساه حتى يحل أجله ثم تعيد ضخه في صك من الاصدار الجديد وهكذا، إلا إذا كنت مضطراً لتغطية مصروف طاريء، أو حلول ما كنت تدخر المال من أجله.
وما دمنا في بداية الشهر، وبما أن الطرح الاول للصكوك سيكون اليوم، وكنت ترغب في الاكتتاب، وكنت معتاداً انفاق راتبك الشهري عن بكرته، فعليك أن تعيد حساباتك؛ جنب من الراتب مقداراً حتى تلج تجربة جديدة، تجربة عالم الادخار الذي سيأخذك - بتوفيق الله - إلى الاستقرار والاستقلال المالي.
هناك من يقول: لا املك المال، أو الراتب لا يكفي. تأمل ثانية ًفي مصاريفك التي انفقتها الشهر الماضي، هل كانت ضرورية؟ راجع سجلها إن كان لديك سجل بها؟ إن كنت لا تتذكر فيما صرفت راتبك في الشهر الماضي، فالاحتمال الأرجح أن بإمكانك أن توفر القليل من المال وتجمع ما يكفي لشراء صك «صح» أو أكثر، أو أن تدخر في أي منتج يروق لك. وتذكر أن هذا المنتج الادخاري سيمكنك أن تجنب بعض المال كل شهر تحسباً وكاحتياطي للأسرة ولأفرادها، سواء لتعليمهم أو حتى لشراء سيارة أو لتجميع دفعة اولى لشراء مسكن، وتذكر أنك لن تقطع مسافة سفر بسيارتك دون التأكد من وجود إطار احتياطي «استبنه»، وإن كنت لا تهتم بذلك، فأنت ضمن أقلية صغيرة.
الادخار هو الدخل الذي لا يُنفق على الاستهلاك، لكي ينفق مستقبلاً عند التقاعد أو عند شراء منزل أو للاستثمار اجمالاً. أما الاستثمار فهو استخدام الأموال لاقتناء أصل ليدرّ دخلاً أو مكسباً رأسمالياً، كالأسهم والسندات والعقار. وطبقاً للنظرية الاقتصادية الكنّزّية «نسبة للاقتصادي كِنّز» فإن الادخار يساوي الاستثمار، وأن هذ شرط أساسي لتوازن الاقتصاد.
وهكذا، فيمكن القول أن العلاقة بين الادخار والاستثمار وشائجية؛ فما يُدخر سيستثمر، ولذا فإن المال الذي يُكنَز“تحت البلاطة”ليس استثماراً بالمعنى الاقتصادي، من حيث أن ما يدخره الناس يساوي ما يُستثمر في الشركات والأدوات المالية الحكومية مثل السندات.
وعودة إلى الواقع، تستحق الأشهر الثلاثة القادمة تخطيطاًمالياً من نوع رفيع: الاستعداد لقدوم رمضان من تهيئة للمنزل، ثم رمضان من موائد وضيافة، ثم العيد. الله يبلغنا جميعاً ويتقبل. كل ذلك ينطوي على متطلبات ومغريات إنفاق. عند هذا السانحة انت امام خيارين: استلام الراتب وصرف ما في الجيب، أو التخطيط المسبق لترشيد وترتيب مصاريفك، وتحديداً التخصيص للأولويات أولاً وتوفير ما عدا ذلك، وأن تضع للادخار حصة ضمن الاولويات
والضروريات تحقيقاً لتطلعاتك الأبعد، والتي لن تتحقق إلا إذا خرجت من دوامة انفاق كل دخلك إلى آخر ريال شهر بعد شهر بعد شهر. وتأكد أن خروجك لن يكون سهلاً ولن يتحقق دون حزم. بوسعك أن تقول الراتب لا يكفي، ومن خلال التدبير وبذل المزيد من الجهد والمكابدة والتخطط والإصرار على اتباع خطتك المالية ستجد أنك خطيت خطوات نحو تلبية احتياجاتك واحتياجات أسرتك، ووازنت بين ضغوط الانفاق الآني وبين ضروريات الادخار لتحقيق احتياجاتك المستقبلية.